الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ الۤر تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْحَكِيمِ } * { أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ ٱلنَّاسَ وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ قَالَ ٱلْكَافِرُونَ إِنَّ هَـٰذَا لَسَاحِرٌ مُّبِينٌ } * { إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ ذٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمْ فَٱعْبُدُوهُ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } * { إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ ٱللَّهِ حَقّاً إِنَّهُ يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ بِٱلْقِسْطِ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ }

{ الۤر } أيها الإنسان اللبيب، الرشيد، اللائق للرسالة العامة، والرئاسة الكلية الكاملة الشاملة على كافة البرايا { تِلْكَ } الآيات المنزلة في هذه السورة { آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْحَكِيمِ } [يونس: 1] أي: بعض آيات الكتاب الإلهي الذي هو حضرة علمه ولوح قضائه، ناطقة بالصدق والصواب على مقتضى الحكمة المتقنة الإلهية، نازلة من عنده، لتصديقك وتأييدك يا أكمل الرسل في تبشيراتك وإنذاراتك، ونبوتك ورسالتك وإرشادك لأهل الغي والضلال.

{ أَكَانَ لِلنَّاسِ } الناسين بطلان هوياتهم { عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَآ } ألهمنا من محض فضلنا وجودنا { إِلَىٰ رَجُلٍ } ناشئ { مِّنْهُمْ } وظهر من جنسهم وبني نوعهم { أَنْ أَنذِرِ ٱلنَّاسَ } المنهمكين في الغي والضلال بمقتضى أهوية هوياتكم الباطلة، وماهياتهم العاطلة، تعجباً ناشئاً عن محض الغفلة والنسيان، والإعراض عن الحق، والانحراف عن طريق التوحيد وجادة الإسلام { وَبَشِّرِ } منهم أهل المحبة والولاء؛ يعني: { ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ } وأيقنوا برسالتك وإرشادك بوحدة ذات الحق واستقلاله في الوجود، وما يترفع عليه من الأسماء والصفات، والآثار المترتبة عليها، والشئون المتجددة بها { أَنَّ لَهُمْ } أي: بأن لهم { قَدَمَ صِدْقٍ } أي: إقدام صادق، وقدم راسخ ثابت في جادة التوحيد، وإرادة خالصة.

وصاروا { عِندَ رَبِّهِمْ } من السابقين المقربين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، ثم لمَّا ظهر أمر الرسالة وعلا قدره، وشاع دينه وكثر أتباعه { قَالَ ٱلْكَافِرُونَ } المصرون على الشرك والفساد من خبث طينتهم، وشدة بغضهم وشكيمتهم بعدما أبصروا منه خوارق عجزوا عنها، سيما القرآن الكامل في الإعجاز البالغ أعلى مراتب البلاغة: { إِنَّ هَـٰذَا } المدعي للنبوة والرسالة { لَسَاحِرٌ مُّبِينٌ } [يونس: 2] ظاهر متفرد في فن السحر، وحيد في عصره فيه، ومن قرأ السحر أراد به القرآن المعجز لجمهور البلغاء مع توفر دواعيهم في معارضته، وصاروا من عجزهم بحيث لم يقدروا على إتيان أقصر آية منه.

وكيف يعارضون مع رسوله والكتاب المنزل من عنده سبحانه؟! { إِنَّ رَبَّكُمُ } أيها المؤمنون { ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ } أي: قدر ببسط عكوس أسمائه، ومد أظلال أوصافه { ٱلسَّمَاوَاتِ } أي: العلويات التي هي الأعيان الثابتات { وَٱلأَرْضَ } أي: عالم الطبيعة القابلة للانعكاس منها { فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ } أي: ستة جهات؛ إذ يتوهم الامتداد والأبعاد، والأقطار فيها { ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ } بلا توهم التراخي والزمان والمهلة، على ما يقتضيه لفظه " ثم " ، " بل " بلا أين وكيف وكم؟.

{ عَلَى ٱلْعَرْشِ } المعروش المبسوط من انعكاس أسمائه وأوصافه { يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ } أي: الحوادث الكائنة بالاستقلال { مَا مِن شَفِيعٍ } من المظاهر والمصنوعات { إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ } وإمضاء مشيئته، وإنفاذ قضائه { ذٰلِكُمُ ٱللَّهُ } أي: الموصوف المتفرد، المتوحد في ذاته بالألوهية، المستقل في آثاره وتدبيراته بالربوبية { رَبُّكُمْ } أي: مربيكم وموجودكم { فَٱعْبُدُوهُ } حق عبادته حتى تعرفوه حق معرفته { أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } [يونس: 3] وتتفكرون وحدة ذاته، وعظمة أسمائه وصفاته أيها العقلاء المجبولون على التفكر والتذاكر في آلاء الله ونعمائه؟!.

السابقالتالي
2