الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ } * { دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ ٱللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { وَلَوْ يُعَجِّلُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ ٱلشَّرَّ ٱسْتِعْجَالَهُمْ بِٱلْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } * { وَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَانَ ٱلضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَآ إِلَىٰ ضُرٍّ مَّسَّهُ كَذٰلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }

ثم قال سبحانه على مقتضى سنته المستمرة من تعقيب الوعيد بالوعد، وبالعكس: { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بالله وتوحيده { وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } المأمورة من عنده؛ لإصلاح أحوالهم { يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ } إلى فضاء توحيده { بِإِيمَانِهِمْ } ويقينهم العلمي { تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَارُ } أي: جداول المعارف والحقائق المنتشئة من بحر التوحيد، من صبغة باليقين العيني والحقي { فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ } [يونس: 9] أي: هم مخلدون في مستلذاتهم الروحانية.

{ دَعْوَاهُمْ فِيهَا } ومناجاتهم مع ربهم، بعدما انقطعوا عن السلوك والتكميل: { سُبْحَانَكَ ٱللَّهُمَّ } أي: اللهم إنَّا ننزهك تنزيهاً، ونقدسك تقديساً عن جميع ما يليق بجنات قدسك { وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا } أي: ترحيب بعض أرباب الدرجات مع بعض على تفاوت مراتبهم { سَلاَمٌ } وتسليم؛ لتحققهم بمقام الرضا ومقعد الصدق { وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ } بعد وصولهم إلى غاية مأمولهم: { أَنِ ٱلْحَمْدُ } والمنة والثناء { للَّهِ } المنعم المفضل { رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [يونس: 10] يربيهم بأنواع اللطف والكرام تفضلاً منه سبحانه وامتناناً.

ثم قال سبحانه حثاً لعباده إلى الرجوع والتوجه نحوه: { وَلَوْ يُعَجِّلُ ٱللَّهُ } المدبر لأمومر عباده { لِلنَّاسِ ٱلشَّرَّ } حين استعجلوه؛ لغرض من الأغارض { ٱسْتِعْجَالَهُمْ بِٱلْخَيْرِ } أي: كاستعجال الخير لهم حين طلبوا، أو دعوا لأجله { لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ } يعني: انقرض مدة حياتهم بحلول أجلهم بدعائهم، ولكن أمهلناهم؛ رجاء أن يستغفروا منهم من يستغفر، وبالجملة: { فَنَذَرُ } وتترك المصرين { ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا } ورضوا بالحياة الدنيا واقتصروا عليها، وأنكروا يوم الجزاء واللقاء { فِي طُغْيَانِهِمْ } المتجاوز عن الحد { يَعْمَهُونَ } [يونس: 11] يترددون؛ إمهالاً لهم وتهويلاً لعذابهم.

{ وَ } من شدة عمههم وطغيانهم { إِذَا مَسَّ } وعرض { ٱلإِنسَانَ ٱلضُّرُّ } أي: ما يضره من مرض مؤلم وأمر مفجع مفزع { دَعَانَا } متشكياً إلينا، باثاً شكواه عندنا، ملقياً { لِجَنبِهِ } إن لم يقدر على غيره { أَوْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً } متضرعاً متفجعاً مستكشفاً { فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ } وعجلنا له مراده تجاوز عنا وعن أمرنا، ولم يتلفت إلينا أصلاً، وصار من شدة عمهه وغفلته { مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَآ إِلَىٰ } كشف { ضُرٍّ مَّسَّهُ كَذٰلِكَ } أي: مثل ما سمعت { زُيِّنَ } أي: حبب وحسن { لِلْمُسْرِفِينَ } المنهمكين في الغي والضلال { مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [يونس: 12] من مخالفة أمر الله، ومخاصمة رسوله والمؤمنين المتابعين له، والإصرار على ما هم عليه من العتو والعناد.