الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذَا زُلْزِلَتِ ٱلأَرْضُ زِلْزَالَهَا } * { وَأَخْرَجَتِ ٱلأَرْضُ أَثْقَالَهَا } * { وَقَالَ ٱلإِنسَانُ مَا لَهَا } * { يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا } * { بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا } * { يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ ٱلنَّاسُ أَشْتَاتاً لِّيُرَوْاْ أَعْمَالَهُمْ } * { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ } * { وَمَن يَعْـمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ }

قوله تعالى: { إِذَا زُلْزِلَتِ ٱلأَرْضُ زِلْزَالَهَا } إلى آخرها.

العامل في " إذا " قوله (زلزلت)، وهي للشرط، فلذلك عمل فيها ما بعدها. ولو لم تكن للشرط لكانت مضافة إلى الجملة التي بعدها، فلا يجوز حينئذ أن يعمل فيها ما أضيفت إليه، إذ لا يعمل المضاف في المضاف إليه، كما (لا) يعمل بعض الشيء في بعضه، وحسن كونها للجزاء، لأن بعدها فعلاً غير معرب، فصار الجزاء في المعنى دون العمل في اللفظ.

وقوله: { زِلْزَالَهَا } مصدر، (كما) تقول: " أكرمتك كرامتك " ، / وأضيف [المصدر] إلى ضمير الأرض لتتفق رؤوس الآي.

والكسائي والفراء يذهبان إلى أن الزلزال مصدر بالكسر، والزلزال بالفتح اسم.

وقد قرأ الجحدري { زِلْزَالَهَا } بالفتح، وكذلك:وَزُلْزِلُواْ زِلْزَالاً شَدِيداً } [الأحزاب: 11].

والمعنى: إذا زلزلت الأرض، أي: حركت ورجت لقيام الساعة.

ثم قال تعالى: { وَأَخْرَجَتِ ٱلأَرْضُ أَثْقَالَهَا }.

أي: ما في بطنها من الموتى فألقتهم أحياء على ظهرها. قال ذلك ابن عباس ومجاهد وابن جبير وغيرهم.

ثم قال تعالى: { وَقَالَ ٱلإِنسَانُ مَا لَهَا } أي: وقال الكافر: ما بالها؟ ما قصتها؟

وقال الطبري " الإنسان " هنا يراد به الناس، يقولون: ما قصتها إذا زلزلت؟

ثم قال: { يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا } [أي]: يقول الله جل ذكره لها: قولي: فتقول: إن الله أمرني بهذا وأوحى إلي [ربي] فأخرجت ما في بطني من بني آدم. هذا معنى قول ابن مسعود أنها تتكلم فتقول ذلك.

وكان ابن جبير يقرأ: " يومئذ تبين أخبارها " [على معنى: تبين ما في بطنها فتجعله على ظهرها.

وكان الطبري يختار في معناها: يومئذ تبين أخباره] بالزلزلة والرجة وإخراج الموتى من بطنها إلى ظهرها [بوحي] الله إليها وإذنه لها في ذلك. وهو معنى قوله: { بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا }.

وقيل: معناه: يومئذ تكون الزلزلة وإخراج الأرض أثقالها [تحدث] الأرض أخبار من كان عليها من أهل الطاعة وأهل المعصية وما عملوا على ظهرها في الدنيا من خير أو شر.

قال سفيان { تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا } " هو ما عمل عليها من خير أو شر ".

قال سفيان: " بأن [ربك] أوحى لها " ، أي: أعلمها بذلك.

قال ابن زيد: { أَوْحَىٰ } ، أي: أوحى إليها.

قال ابن زيد: " تحدث أخبارها " هو " ما كان فيها وعلى ظهرها من أعمال العباد ".

وقال مجاهد: " تخبر الناس بما عملوا عليها ".

ومعنى: { أَوْحَىٰ لَهَا }: أفهمها وألهمها.

(ثم قال تعالى: { يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ ٱلنَّاسُ أَشْتَاتاً لِّيُرَوْاْ أَعْمَالَهُمْ }.

(أي): إن ربك) أوحى (لها) ليروا أعمالهم، يرى المحسن جزاء حسناته، والمسيء عقاب سيآته. يومئذ يصدر الناس من موقف الحساب متفرقين، فآخذ ذات اليمين إلى الجنة، وآخذ ذات الشمال إلى النار.

السابقالتالي
2 3