قوله تعالى: { وَٱلضُّحَىٰ * وَٱللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ } إلى آخرها. أقسم الله جل ذكره بالضحى، وهو النهار كله عند الفراء. وعند غيره: هو أول (النهار)، قال قتادة: الضحى: " ساعة من ساعات النهار " ، والمعنى: ورب الضحى، وخالق الضحى، ونحوه. وقوله: { إِذَا سَجَىٰ } قال ابن عباس: { سَجَىٰ }: أقبل. وعنه أيضاً: " سجى ": ذهب. وقال مجاهد: { سَجَىٰ } استوى. وقال قتادة: { سَجَىٰ }: " سكن بالخلق ". وقال الضحاك: { سَجَىٰ }: استقر وسكن. وهو قول ابن زيد. ثم قال تعالى: { مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ / وَمَا قَلَىٰ }. هذا جواب القسم، أي: ما تركك ربك يا محمد وما أبغضك. فالمفعول من " قلى " محذوف. وروي أن الوحي أبطأ على النبي صلى الله عليه وسلم فقالت قريش: قد ودع محمداً ربه وقلاه، فأنزل الله جل ذكره: { مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ / وَمَا قَلَىٰ }. وروى هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: أبطأ جبريل عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت له خديجة: أحسب ربك قد [قلاك]، فأنزل الله: { وَٱلضُّحَىٰ } إلى آخرها. وقال ابن عباس: أري النبي صلى الله عليه وسلم ما هو مفتوح على أمته، فسر بذلك، فأنزل الله { وَٱلضُّحَىٰ } إلى قوله: { وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ } (قال) فأعطاه الله ألف قصر في الجنة، ترابها المسك في كل قصر ما ينبغي (له) من الأزواج والخدم. ثم قال تعالى: { وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ ٱلأُولَىٰ } أي: ولنعيم الآخرة خير لك من نكد (الدنيا). (ثم) قال تعالى: { وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ } أي: ولسوف يعطيك يا محمد ربك في الآخرة من فواضل نعمه حتى ترضى. قال ابن عباس: عرض على النبي صلى الله عليه وسلم ما هو مفتوح على أمته من بعده، فسر بذلك، فانزل الله: { وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ } ، قال: فأعطاه (الله) ألف قصر من لؤلؤ ترابها المسك، وفيها ما يصلحها. وعن ابن عباس أنه قال: ما رضي محمد صلى الله عليه وسلم أن يدخل أحد من أهل بيته النار. وروى جابر بن عبد الله " أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على بنته فاطمة وعليها كساء (من [جلة]) الإبل وهي تطحن بيدها، فلما رآها دمعت عيناه، وقال: يا فاطمة، تعجلي مرارة الدنيا لحلاوة الآخرة، فأنزل الله: { وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ } ". [وروي عن بعض أن النبي صلى الله عليه وسلم [قال]: " ليس في القرآن أرجى من قوله: { وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ } ]، ولا يرضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدخل أحد من أمته النار ". هذا معنى قوله المروي عنه. ثم قال تعالى: { أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَىٰ }.