الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلاَ ٱقتَحَمَ ٱلْعَقَبَةَ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْعَقَبَةُ } * { فَكُّ رَقَبَةٍ } * { أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ } * { يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ } * { أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ } * { ثُمَّ كَانَ مِنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلصَّبْرِ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلْمَرْحَمَةِ } * { أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ } * { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ ٱلْمَشْأَمَةِ } * { عَلَيْهِمْ نَارٌ مُّؤْصَدَةٌ }

قوله تعالى: { فَلاَ ٱقتَحَمَ ٱلْعَقَبَةَ } إلى آخر السورة.

أي: فلم يقتحم، أي: لم يركب هذا القوي الشديد العقبة فيقطعها ويجوزها بالإيمان والعمل الصالح، فهو خاص يراد به العموم.

قال ابن عباس: " العقبة جبل في جهنم ".

وقال الحسن: هي عقبة في جهنم.

وقال قتادة: [للنار] عقبة دون الجسر.

وقال كعب: العقبة " [سبعون] درجة في جهنم ".

وقيل: معناه أنه تمثيل يراد به: لم يفعل ما أمر به، ومثل ذلك بالعقبة لصعوبته وصعوبة جواز العقبة.

وقال ابن زيد: { فَلاَ ٱقتَحَمَ ٱلْعَقَبَةَ } [أي]: فلم يسلك الطريق الذي فيه النجاة.

ثم قال تعالى: { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْعَقَبَةُ }.

أي: ما [اقتحام] العقبة؟! [أي]: وأي شيء أشعرك يا محمد ما اقتحام العقبة؟! ثم بين ما هو فقال:

{ فَكُّ رَقَبَةٍ } أي: اقتحامها والنجاة منها هو فك رقبة من الرق [وأسر] العبودية.

قال الحسن: " ذكر لنا أنه ليس مسلم يعتق رقبة مسلمة إلا كانت فداءه من النار. وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرقاب أيها أعظم أجراً؟ فقال: " أكثرها ثمناً " ".

وقال صلى الله عليه وسلم: " من أعتق رقبة مؤمنة فهي فداؤه من النار ".

ثم خير أيضاً في اقتحام العقبة، [فقال]:

{ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ }.

أي: وهو أيضاً أن يطعم في يوم ذي مجاعة يتيماً لا أب له من قرابتك والمقربة والقرابة واحد. قال ابن زيد: { ذَا مَقْرَبَةٍ }. " ذا قرابة ".

ثم قال تعالى: { أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ }.

أي: ذا [لصوق] بالتراب قال مجاهد: { ذَا مَقْرَبَةٍ }: " ليس له مأوى إلا التراب " ، يعني: المسكين المطروح في التراب ليس له شيء يقيه من التراب.

وقيل: معناه: أو مسكينا ذا فقر، من قولهم " ترب الرجل " إذا افتقر.

وعن ابن عباس: { ذَا مَتْرَبَةٍ }: كثير الحاجة، وقاله ابن زيد.

وعن ابن عباس أيضاً: { ذَا مَتْرَبَةٍ }: ذا عيال وكبر سن ليس بينك وبينه قرابة وقاله ابن جبير.

وقال الضحاك: { ذَا مَقْرَبَةٍ } " ذا عيال لاصقين بالأرض من المسكنة ".

وعن ابن عباس: { ذَا مَتْرَبَةٍ }: هو الرجل يخرج إلى حاجته ثم يرد وجهه منقلباً إلى بيته يستيقن أن ليس فيه إلا التراب.

وقال سفيان: هم المطروحون في ظهر الطريق، لا بيت لهم.

[يقال]: تربت يد الرجل: إذا افتقر، أي: ليس يحصل في يده إلا التراب.

وقوله صلى الله عليه وسلم: " فعليك بذات الدين تربت يمينك " ، معناه: افتقرت يمينك إن فاتتك، أي: لا يحصل في يمينك إلا التراب إن [فاتتك].

ونظيره: " [وللعاهر] الحجر " ، أي: لا يحصل في يد الزاني بأمة على فراش غيره من الولد إلا التراب، أي: لا شيء (له) فيه.

السابقالتالي
2