الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْاْ عَنْهُمْ فَإِن تَرْضَوْاْ عَنْهُمْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَرْضَىٰ عَنِ ٱلْقَوْمِ ٱلْفَاسِقِينَ } * { ٱلأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } * { وَمِنَ ٱلأَعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَماً وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ ٱلدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ ٱلسَّوْءِ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }

قوله: { يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْاْ عَنْهُمْ فَإِن تَرْضَوْاْ عَنْهُمْ } ، إلى قوله: { سَمِيعٌ عَلِيمٌ }.

والمعنى: يحلف، أيها المؤمنون، هؤلاء المنافقون لكم { لِتَرْضَوْاْ عَنْهُمْ } ، وأنتم لا تعلمون صدقهم من كذبهم، { فَإِن تَرْضَوْاْ عَنْهُمْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَرْضَىٰ عَنِ ٱلْقَوْمِ ٱلْفَاسِقِينَ }؛ لأنه يعلم سرائرهم وصدقهم وكذبهم.

ثم قال تعالى: { ٱلأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ }.

" أن ": في موضع نصب، على تقدير: " وأجدر بأن لا ".

تقول: " هو جدير بأن يفعل " ، و " خليق بأن يفعل " ، وإن شئت حذفت " الباء " ، ولا يحسن حذف " الباء " إلا مع " أنْ " ، لو قلت: هو جدير بالفعل، لم يكن بُدُّ من " الباء ".

والمعنى: الأعراب أشَدُّ جحوداً لتوحيد الله سبحانه، ونفاقاً على رسوله عليه السلام، من أهل الحضر والأمصار، وذلك لجفائهم، وقسوة قلوبهم.

{ وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ }.

أي: وأخلق أن يجهلوا العلم والسنن.

ثم قال تعالى: { وَمِنَ ٱلأَعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَماً }.

والمعنى: ومن الأعراب من يَعُدُّ ما ينفق فيما ندبه الله، عز وجل، إليه { مَغْرَماً } لا ثواب له فيه، { وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ ٱلدَّوَائِرَ } أي: ينتظر بكم ما تدور به الأيام والليالي من المكروه والسوء، { عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ ٱلسَّوْءِ } ، أي: عليهم يرجع المكروه والسوء.

وهذا كله في منافقين من الأعراب، قاله: ابن زيد.

وقوله: { دَآئِرَةُ ٱلسَّوْءِ }.

ومن قرأ بالضم، فمعناه: دائرة العذاب، و { دَآئِرَةُ ٱلسَّوْءِ }: البلاء.

قال الفراء: ولا يجوز على هذا " هذا امرؤُ سوء " ، كما لا يجوز " هذا امرؤ عذاب ".

وقال المبرد " السَّوء " بالفتح: الرداءة.

قال سيبويه: " مَرَرْتُ بِرَجُلِ صِدْقِ " ، معناه: مررت برجل صالح، وليس هو من صِدْق اللسان، وكذلك تقول: " مررت برجل سوء، أي: برجل فسادٍ، وليس هو من: سُوءتُهُ (سَوْءاً.

وقال الفراء: " السَّوْء " بالفتح، مصدر من: سُوْءتُهُ سَوْءاً ومَسَاءَة) وسَوَائِيةً وَمَسَائِية.

وقال اليزيدي في الضم، يعني: دائرة الشر، فكأن السُّوءَ الاسم، والسَّوء المصدر، فافهم.