الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِداً فِيهَا ذٰلِكَ ٱلْخِزْيُ ٱلْعَظِيمُ } * { يَحْذَرُ ٱلْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ ٱسْتَهْزِءُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ }

قوله: { أَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } إلى قوله: { تَحْذَرُونَ }.

قوله: { فَأَنَّ لَهُ }.

" أنّ " بدل من الأولى عند الخليل وسيبويه.

وقال المبرد والجَرْمِي: " أنَّ " الثانية مكررة للتوكيد.

وقال الأخفش: " أنّ " في موضع رفع بالابتداء، والمعنى: فوجوب النار له.

وأنكر ذلك أبو العباس؛ لأنَّ " أنَّ " المشددة المفتوحة لا يبتدأ بها، ويضمر الخبر.

وقال علي بن سليمان: " أَنَّ " في موضع رفع على إضمار مبتدأ، والمعنى: فالواجب أن له النار.

وكلهم أجاز كسر " أَنَّ " ، واستحسنه سيبويه.

ومعنى الآية: ألا يعلم هؤلاء المنافقون { أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ ٱللَّهَ } ، أي: يجانبه ويعاديه وحقيقته: أنه يقال: حادَّ فلانٌ فلاناً، أي: صار في حد غيره حده، { فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِداً (فِيهَا) } ، أي: لابثاً أبداً، { ذٰلِكَ ٱلْخِزْيُ ٱلْعَظِيمُ } ، أي: الهوان والذل.

ثم قال تعالى إخباراً عما يُسِرُّ المنافقون: { يَحْذَرُ ٱلْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ } ، الآية.

المعنى: يَخْشى المنافقون، أن ينزّل الله عز وجل، سورة يخبر فيها بما في قلوبهم. وكانوا يقولون القول القبيح في النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه بينهم، ويقولون: عسى الله ألاّ يفشي سِرَِّنا علينا.

ورُوي أنهم كانوا سبعين رجلاً، أنزل الله عز وجل، أسماءهم وأسماء آبائهم في القرآن، ثم رفع ذلك ونسخ رحمة ورأفة منه على خلقه؛ لأن أبناءهم كانوا مسلمين.

قوله: { قُلِ ٱسْتَهْزِءُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ }.

هذا تهديد من الله عز وجل، لهم.

{ إِنَّ ٱللَّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ }.

أي: مظهر سركم الذي تخافون أن يظهر.

قال قتادة: كنا نسمي هذه السورة: " الفاضحة "؛ لأنها فضحت المنافقين.