قوله: { إِنَّمَا ٱلصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱلْعَامِلِينَ عَلَيْهَا } ، الآية. { فَرِيضَةً }: نصب على المصدر. ومعنى الآية في قول عكرمة: أنها ناسخة لكل صدقة في القرآن. فقوله: { لِلْفُقَرَآءِ وَٱلْمَسَاكِينِ }. قال مجاهد، وعكرمة، والزُّهري، وجابر بن زيد: / " الفقير ": الذي لا يسأل و " المسكين ": الذي يسأل. وقال ابن عباس: " المسكين ": الطواف، و " الفقير ": فقير المسلمين. وقال قتادة " الفقير ": المحتاج الذي به زمانة، و " المسكين ": الصحيح المحتاج. وقال الضحاك " الفقراء ": فقراء المجاهدين، و " المساكين ": [الذين] لم يهاجروا. وذكر ابن وهب، عنه، أنّ " الفقراء ": من المهاجرين، و " المساكين " ): من الأعراب. قال: وكان ابن عباس يقول: " الفقراء " من المسلمين، و " المساكين " من أهل الذمة. وقال الشافعي " الفقراء ": الذين لا مال لهم ولا حرفة تغنيهم، و " المساكين " الذين لهم مال، أوْ حرفة لا تغنيهم. وقال أبو ثور " الفقير ": الذي لا شيء له، و " المسكين ": الذي لا يكسب من كسبه ما يقوته. وقال عبيد الله بن الحسن " المسكين " الذي يخشع ويستكين، بأن لم يسأل و " الفقير " ، الذي يتحمل، ويقبل الشيء سراً، ولا يخشع. وقال محمد بن مَسْلمة " الفقير ": الذي له مسكن يسكنه والخادم إلى ما هو أسفل من ذلك، و " المسكين ": الذي لا مال له. وقال أهل اللغة: " المسكين ": الذي لا شيء له، و " الفقير ": الذي له شيء يكفيه. قال يونس: قلت لأعرابي: أفقير أنت؟ قال: لا، بل مسكين. وقال عكرمة " الفقراء ": من اليهود والنصارى، و " المساكين ": من المسلمين. واختار الطبري، وغيره أن يكون " الفقير ": الذي يعطى بفقره فقط، و " المسكين ": الذي يكون عليه مع فقره خضوع وذل السؤال. وأنشد أهل اللغة قول الراعي:
أمَّا الفَقِيرُ الَّذِي كَانَتْ حَلُوبَتُهُ
وَفْقَ الِعيَالَ فَلَمْ يُتْركْ لَهُ سَبَدُ
فجعل للفقير حَلُوبَةً، مقدار ما يكفي العيال. فـ: " المسكين " أشد حاجة من " الفقير " فكل مسكين فقير، وليس كل فقير مسكيناً. فـ: " الفقير ": الذي لا غنى له فوق قوت يومه، وهو فَعِيلٌ بمعنى مَفْعُول، كأنَّه مفقور الظهر، وهو الذي نزعت فَقْره [من فِقَر] ظهره، فانقطع ظهره من شدة الفقر، وهذا الاشتقاق يدل على أنّ " الفقير " أشدُّ حاجةً من " المسكين " وقد قال تعالى: