الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱنْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } * { لَوْ كَانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قَاصِداً لاَّتَّبَعُوكَ وَلَـٰكِن بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ ٱلشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ لَوِ ٱسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ }

قوله تعالى: { ٱنْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً } ، إلى قوله: { لَكَاذِبُونَ }.

المعنى في قول الحسن: { ٱنْفِرُواْ } ، شباناً وشيوخاً، وهو قول عكرمة، وأبي صالح.

ورُوي عن أبي طلحة: { ٱنْفِرُواْ } ، شباناً وكهولاً، وكذلك قال الضحاك، ومقاتل بن حيان.

وروى سفيان، عن منصور عن الحكم { ٱنْفِرُواْ }: مشاغيل وغير مشاغيل.

وعن أبي صالح أنَّ المعنى { ٱنْفِرُواْ } ، أغنياء وفقراء.

وعن ابن عباس وقتادة { ٱنْفِرُواْ } ، نشاطاً وغير نِشاط.

وقال الأوزاعي المعنى { ٱنْفِرُواْ } ، [ركباناً ومشاة.

وفيه قول سابع قاله ابن زيد أن المعنى { ٱنْفِرُواْ } ]: من كان ذا ضَيْعَةٍ ومن [كان] غير ذي ضَيْعة، فـ " الثقيلُ " الذي له ضيعة يكره أن يتكر ضيعته، و " التَّخْفِيفُ ": الذي لا ضيعة عنده تمنعه من الخروج.

وفيه قول ثامن مرويٌّ عن الحسن أنَّ المعنى: في العُسْر واليسر.

وفيه قول تاسع قاله زيد بن أسلم: أنَّ المعنى " الثقيل ": الذي له عيال، و " الخفيف ": الذي لا عيال له.

وقد قيل: إنّ هذه الآية منسوخة بقوله:وَمَا كَانَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ [كَآفَّةً] } [التوبة: 122].

وقيل: هي محكمة.

أمر الله أصحاب النبي عليه السلام بالخروج معه على كل حال.

{ وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ }.

أي: ابذلوهما في الجهاد.

{ ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ }.

أي: في معادكم وعاجلكم وآجلكم، فالعاجل: الغنيمة، والآجل: الأجر والرضى من الله، عز وجل.

ثم قال تعالى: { لَوْ كَانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قَاصِداً لاَّتَّبَعُوكَ }.

وذلك أن جماعة استأذنوا النبي صلى الله عليه وسلم، إذ خرج إلى تبوك في التخلف / والمُقام، فأذن لهم، فقال له الله، عز وجل، { لَوْ كَانَ عَرَضاً قَرِيباً } ، أي: غنيمة حاضرة، { وَسَفَراً }: قريباً، { لاَّتَّبَعُوكَ } ، ولم يتخلفوا عنك.

{ وَلَـٰكِن بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ ٱلشُّقَّةُ }.

[و { ٱلشُّقَّةُ }: الغاية التي يقصد إليها.

قال أبو عبيدة: { ٱلشُّقَّةُ }: المشقة].

فالمعنى: ولكن استنهضتهم إلى مكان بعيد، فشق ذلك عليهم، فسألوك في التخلف.

وقوله: { وَسَيَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ لَوِ ٱسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ }.

أي: سيحلف هؤلاء لكم بالله، إنهم لو قدروا لخرجوا معك، وذلك منهم كذب.

{ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ }.

أي: يوجبون لها بالتخلف والكذب، والهلاك والغضب في الآخرة.

{ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ }.

في اعتذارهم.