قوله تعالى: { ٱنْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً } ، إلى قوله: { لَكَاذِبُونَ }. المعنى في قول الحسن: { ٱنْفِرُواْ } ، شباناً وشيوخاً، وهو قول عكرمة، وأبي صالح. ورُوي عن أبي طلحة: { ٱنْفِرُواْ } ، شباناً وكهولاً، وكذلك قال الضحاك، ومقاتل بن حيان. وروى سفيان، عن منصور عن الحكم { ٱنْفِرُواْ }: مشاغيل وغير مشاغيل. وعن أبي صالح أنَّ المعنى { ٱنْفِرُواْ } ، أغنياء وفقراء. وعن ابن عباس وقتادة { ٱنْفِرُواْ } ، نشاطاً وغير نِشاط. وقال الأوزاعي المعنى { ٱنْفِرُواْ } ، [ركباناً ومشاة. وفيه قول سابع قاله ابن زيد أن المعنى { ٱنْفِرُواْ } ]: من كان ذا ضَيْعَةٍ ومن [كان] غير ذي ضَيْعة، فـ " الثقيلُ " الذي له ضيعة يكره أن يتكر ضيعته، و " التَّخْفِيفُ ": الذي لا ضيعة عنده تمنعه من الخروج. وفيه قول ثامن مرويٌّ عن الحسن أنَّ المعنى: في العُسْر واليسر. وفيه قول تاسع قاله زيد بن أسلم: أنَّ المعنى " الثقيل ": الذي له عيال، و " الخفيف ": الذي لا عيال له. وقد قيل: إنّ هذه الآية منسوخة بقوله:{ وَمَا كَانَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ [كَآفَّةً] } [التوبة: 122]. وقيل: هي محكمة. أمر الله أصحاب النبي عليه السلام بالخروج معه على كل حال. { وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ }. أي: ابذلوهما في الجهاد. { ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ }. أي: في معادكم وعاجلكم وآجلكم، فالعاجل: الغنيمة، والآجل: الأجر والرضى من الله، عز وجل. ثم قال تعالى: { لَوْ كَانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قَاصِداً لاَّتَّبَعُوكَ }. وذلك أن جماعة استأذنوا النبي صلى الله عليه وسلم، إذ خرج إلى تبوك في التخلف / والمُقام، فأذن لهم، فقال له الله، عز وجل، { لَوْ كَانَ عَرَضاً قَرِيباً } ، أي: غنيمة حاضرة، { وَسَفَراً }: قريباً، { لاَّتَّبَعُوكَ } ، ولم يتخلفوا عنك. { وَلَـٰكِن بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ ٱلشُّقَّةُ }. [و { ٱلشُّقَّةُ }: الغاية التي يقصد إليها. قال أبو عبيدة: { ٱلشُّقَّةُ }: المشقة]. فالمعنى: ولكن استنهضتهم إلى مكان بعيد، فشق ذلك عليهم، فسألوك في التخلف. وقوله: { وَسَيَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ لَوِ ٱسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ }. أي: سيحلف هؤلاء لكم بالله، إنهم لو قدروا لخرجوا معك، وذلك منهم كذب. { يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ }. أي: يوجبون لها بالتخلف والكذب، والهلاك والغضب في الآخرة. { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ }. في اعتذارهم.