الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ لَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ ٱلأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ } * { ثُمَّ أَنَزلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَذٰلِكَ جَزَآءُ ٱلْكَافِرِينَ } * { ثُمَّ يَتُوبُ ٱللَّهُ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

قوله: { لَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ } ، إلى قوله: { وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }.

{ حُنَيْنٍ }: مذكر، اسم واد بين مكة والطائف.

ومن العرب من يجعله اسماً للبقعة فلا يصرفه للتأنيث والتعريف.

وقيل: هو واد إلى جنب ذي المجاز.

لغة بني تميم: " كِثْرةَ " ، بكسر الكاف، وجمعه: كثر، والفتح لغة أكثرهم، وجمعه: كثرات، وهما مصدران وجمعهما قبيح.

ومعنى الآية: { لَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ } ، أيها المؤمنون في أماكن حرب، ونصركم يوم حنين أيضاً.

وهو يوم قاتل فيه النبي عليه السلام، هَوَازِن وثقيفاً، وخرج مع النبي صلى الله عليه وسلم، في تلك الغزوة / إثنا عشر ألفاً: عشرة آلاف من المهاجرين والأنصار، وألفان من الطلقاء، فأعجب القوم كثرهم، فانهزموا ونزل النبي صلى الله عليه وسلم، عن بغلته الشهباء، وكان العباس أخذ بلجام [بغلة] النبي عليه السلام، فأمر النبي صلى الله عليه سلم، بالأذان في الناس فتراجع الأنصار، وكان المنادي ينادي: " يا معشر الأنصار، ويا معشر المهاجرين، يا أصحاب الشجرة، يا أصحاب سورة البقرة، فجاء الناس عُنُقاً واحداً، ثم أنزل الله عز وجل، نصره، وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم، كفًّا من تراب، وقبضة من حصباء، فرمى بها وجوه القوم الكفار، وقال: " شَاهَتِ الوُجُوهُ " ، فانهزموا. فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم، الغنائم، ورجع إلى الجِعِرَّانَة، فقسم بها الغنائم، مغانم حنين، وزاد أُناساً منهم: أبو سفيان بن حرب، والأقرع بن حابس، وسهيل بن عمرو، وغيرهم، تألف بالزيادة قلوبهم، فتكلمت الأنصار، وقالت: " آثر قومه " ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وهو في قبة له من أدمٍ، فقال: يا معشر الأنصار ما هذا الذي بلغني؟ ألم تكونوا ضُلاَّلاً فهداكم الله، وكنتم أذِلَّةً فأعزكم الله، وكنتم وكنتم. فتكلموا إليه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم، والذي نفسي بيده، لو سلكتم وادياً وسلك الناس وادياً، لسلكتُ وادي الأنصار، ولولا الهجرة لكنت امرءاً من الأنصار. ثم مدحهم بغير هذا، ثم قال: أما ترضون أن ينقلب النَّاس بالإبل والشاء، وتنقلبون برسول الله إلى بيوتكم. فقالت الأنصار: رضينا عن الله عز جل، وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، والله ما قلنا ذلك إلا ظناً بالله ورسوله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم، الله ورسوله يُصدقانكم ويعذِرَانكم.

قال السدي: قال رجل من أصحاب النبي عليه السلام، يوم حنين، وقد كانوا إثنى عشر ألفاً: يا رسول الله لن نُغْلَبَ اليوم من قلَّةٍ وأعجبته كثرة الناس، فَوُكِّلُوا إلى كلمة الرجل، فانهزموا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، غير العباس، وأبي سفيان بن الحارث، وأيمن بن أم أيمن، قتل يومئذ بين [يدي] النبي صلى الله عليه وسلم.

السابقالتالي
2