الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا مَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَـٰذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } * { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَىٰ رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ } * { أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ }

قوله: { وَإِذَا مَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ } ، إلى قوله { يَذَّكَّرُونَ }.

والمعنى: وإذا ما أنزل الله عز وجل، سورة من القرآن، فمن المنافقين من يقول: أيكم أيها الناس، زادته، / هذه السورة إيماناً؟

أي: تصديقاً بالله وآياته، قال الله عز وجل، عن نفسه، { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ }.

أي: وأما الذين آمنوا من الذين قيل لهم ذلك، { فَزَادَتْهُمْ } ، السورة { إِيمَاناً } ، وهم يفرحون بما أعطاهم الله عز وجل، من الإيمان واليقين.

ومعنى زيادة الإيمان هنا: أنهم قبل نزول السورة لم يكن لزمهم فرض ما في السورة التي نزلت. فلما نزلت قبلوها والتزموا ما فيها من فرض، فذلك زيادة في إيمانهم الأول.

وقال الربيع: { فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً } ، أي: خشية.

{ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ }.

أي: شك في دين الله، سبحانه { فَزَادَتْهُمْ } السورة إذا نزلت، { رِجْساً إِلَىٰ رِجْسِهِمْ } ، أي: كفراً إلى كفرهم، وذلك أنهم شكوا في أنها من عند الله، سبحانه، ولم يؤمنوا بها، فازدادوا كفراً على كفرهم المتقدم، { وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ } ، أي: بالله، سبحانه، وآياته، جلت عظمته.

قوله: { أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ }.

من قرأ بالياء، فهو توبيخ لهم، والمعنى: أو لا يرى هؤلاء المنافقون ذلك؟

ومن قرأ بالتاء، فمعناه: أو لا ترون، أيها المؤمنون، ما ينزل بهم في كل عام؟

ومعنى { يُفْتَنُونَ } ، يختبرون في بعض الأعوام مرة، وفي بعضها مرتين، { ثُمَّ } ، هم مع البلاء الذي يحل بهم { لاَ يَتُوبُونَ } من نفاقهم وكفرهم، ولا يذكرون ما يرون من الحجج لله، عز وجل، فيتعظون بها.

و " الاختبار " هنا، قيل: بالجوع والجدب.

وقال قتادة، والحسن: يختبرون بالغزو والجهاد.

وقيل: إنه هو ما كان يُشيعَ المشركون من الأكاذيب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصحابه، فيفتتن بذلك من في قلبه مرض.

وقال حذيفة: كنا نسمع كذبة أو كذبتين، فيفتتن بها فئام من الناس.

يريد حذيفة أنهم كانوا يفعلون ذلك قبل إسلامهم.