قوله: { مَا كَانَ لأَهْلِ ٱلْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِّنَ ٱلأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ ٱللَّهِ }. يعني: في غزوة تبوك. أي لا ينبغي لهم ذلك، ولا ينبغي لهم [أن { يَرْغَبُواْ بِأَنْفُسِهِمْ] عَن نَّفْسِهِ } في الجهاد. وإنما لم يكن لهم ذلك؛ لأنهم { لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ } ، في سفرهم، أي: عطش، { وَلاَ نَصَبٌ } ، أي: تعب: { وَلاَ مَخْمَصَةٌ } ، أي مجاعة { فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } ، عز وجل: أي: في إقامة دين الله سبحانه { وَلاَ يَطَأُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ ٱلْكُفَّارَ } ، أي: لا يطئون أرضاً { يَغِيظُ ٱلْكُفَّارَ } ، وطؤهم [إياها] { وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً } ، أي: في أنفسهم وأموالهم وأولادهم، { إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ } ، بذلك كله ثواب عمل صالح، { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ } ، أي: يجازيهم على أعمالهم. وهذه الآية مخصوصة للنبي عليه السلام، لم يكن لأحد أن يتخلف عنه إلا من عذر. فأما الآن فبعض الناس يحمل عن بعض. قاله قتادة. وقال ابن زيد: كانت إذا كان المسلمون قِلة فرضاً، فلما كثروا نسخها: { وَمَا كَانَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً } ، فأباح التخلف لمن شاء. وقال الطبري معنى الآية: ما كان لأهل المدينة الذين تخلفوا، ولا لمن حولهم من الأعراب الذين تخلفوا، أن يفعلوا ذلك، ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه. و " النَّيل " مصدر: " نالني [ينالني] نَيْلاً " ، فأنا " مَنِيلٌ ". وليس هو من " التَّنَاولِ " ، لأن " التناول " من " النَّوَالِ " يقال منه: " نُلْتُ، أَنُولُ " ، من العطية.