الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَٰوتَك سَكَنٌ لَّهُمْ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } * { أَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ ٱلصَّدَقَاتِ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ }

قوله: { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا } ، إلى قوله: { ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ }.

قوله: { تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ } ، هو خطاب للنبي عليه السلام.

أي: فإنك تطهرهم بها وتزكيهم، وهذا قول الزجاج.

وقيل: هما للصدقة، لا للمخاطبة، وهما في موضع النعت للصدقة، وهو قول الأخفش، قال: ويكون { بِهَا } توكيداً.

فـ: " التاء " على القول الأول للمخاطبة، وفي { تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ } ضمير النبي صلى الله عليه وسلم. وهي على القول الثاني: الثانية للصدقة لا للمخاطبة، وفي { تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ } ضمير الصدقة.

وقيل: هما للنبي عليه السلام، وهما في موضع الحال منه.

وقيل: { تُطَهِّرُهُمْ } للصدقة، صفة [لها]، { وَتُزَكِّيهِمْ } للنبي عليه السلام، حال منه.

وأجاز بعض النحويين، في { تُطَهِّرُهُمْ } الجزم؛ لأنه جواب الأمر.

وحجة من قرأ: { صَلَٰوتَك } بالجمع هنا، وفي " هود " ، وفي " المؤمنين " إجماعهم على الجمع في:وَصَلَوَاتِ ٱلرَّسُولِ } [التوبة: 99] ولا فرق بينها والتي في سورة المؤمنين، يراد بها الصلوات الخمس، فالجمع أولى به؛ ولأنها مكتوبة في المصحف بالواو، فدل ذلك على الجمع، وعلى أن الألف التي بعد الواو اختصرت / من الكتاب.

وقد كتبوا ما عدا هذه الثلاثة بالألف، فدلت الواو في هذه الثلاثة على أنه جمع، وحذفت الألف بعد الواو كما حذفت من درجات وبينات.

ومن قرأ بالتوحيد، احتج بالإجماع في:قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي } [الأنعام: 162]، بالتوحيد، وإجماعهم على التوحيد في " الأنعام " ، وسَأَلَ سَآئِلٌ } [المعارج: 1].

وأيضاً فإن قوله: إنَّ صَلاَتَكَ أعم من: إن صلواتك؛ لأن الجمع إنما هو لما دون العشرة، فكأنه: " إنّ دعواتك " ، والتوحيد بمعنى: " إنَّ دعاءك " ، والدعاء أعم من " الدعوات " وأكثر؛ لأن المصدر أعم من الجمع الذي لما دون العشرة.

ومعنى الآية: خذ يا محمد من أموال هؤلاء الذين اعترفوا بذنوبهم [ { صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ } من دنس ذنوبهم، { وَتُزَكِّيهِمْ } ، أي: تنميهم]، وترفعهم بها، { وَصَلِّ عَلَيْهِمْ } ، أي: ادع لها بالمغفرة، { إِنَّ صَلَٰوتَك سَكَنٌ لَّهُمْ } ، أي: إن دعاءك طمأنينة لهم، بأن الله قد عفا عنهم، { وَٱللَّهُ سَمِيعٌ } ، أي: سميع لدعائك إذا دعوت، ولغير ذلك.

قال ابن عباس: أتى أبو لُبابة وأصحابه حين أطلقوا، وتيب عليهم، بأموالهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا يا رسول الله هذه أموالنا فتصدق بها عنا، واستغفر لنا، فقال: ما أُمرت أن آخذ من أموالكم شيئاً، فأنزل الله، عز وجل: { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً } ، الآية.

وقد قيل: { وَصَلِّ عَلَيْهِمْ }: منسوخٌ بقوله:وَلاَ تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً } [التوبة: 84].

وقيل: إنَّها محكمة.

والمعنى: وادع لهم إذا جاءوك بالصدقات، وعلى هذا أكثر العلماء.

وقال قتادة: { سَكَنٌ لَّهُمْ } ، وقَارٌ لهم.

وقال زيد بن أسلم: قالوا: يا رسول الله، خذ من أموالنا صدقة تطهرنا بها، فأبى النبي صلى الله عليه وسلم، أن يأخذ.

السابقالتالي
2