الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ٱلْغَاشِيَةِ } * { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ } * { عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ } * { تَصْلَىٰ نَاراً حَامِيَةً } * { تُسْقَىٰ مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ } * { لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ } * { لاَّ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِي مِن جُوعٍ } * { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ } * { لِّسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ } * { فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ } * { لاَّ تَسْمَعُ فِيهَا لاَغِيَةً } * { فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ } * { فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ } * { وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ } * { وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ } * { وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ } * { أَفَلاَ يَنظُرُونَ إِلَى ٱلإِبْلِ كَيْفَ خُلِقَتْ } * { وَإِلَى ٱلسَّمَآءِ كَيْفَ رُفِعَتْ } * { وَإِلَىٰ ٱلْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ } * { وَإِلَى ٱلأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ } * { فَذَكِّرْ إِنَّمَآ أَنتَ مُذَكِّرٌ } * { لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ } * { إِلاَّ مَن تَوَلَّىٰ وَكَفَرَ } * { فَيُعَذِّبُهُ ٱللَّهُ ٱلْعَذَابَ ٱلأَكْبَرَ } * { إِنَّ إِلَيْنَآ إِيَابَهُمْ } * { ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ }

قوله تعالى: { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ٱلْغَاشِيَةِ } إلى آخرها.

أي: قد أتاك - يا محمد - حديث الغاشية، وهي القيامة تغشى الناس بقيامها وأهوالها.

وقال ابن جبير: الغاشية جهنم.

ثم قال تعالى: { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ }.

أي: ذليلة، وهي وجوه الكفار. قال قتادة: " خاشعة في النار ".

ثم قال: { عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ }.

أي: هي عاملة ناصبة بمعنى: تعمل وتنصب في الدنيا، وهي تصلى ناراً حامية في الآخرة.

وهذا القول يُروى عن عمر رضي الله عنه. ولا يتم الكلام [على] [ناصبة] أو (على) { خَاشِعَةٌ } ويجوز أن يكون في الكلام تقديم وتأخير على هذا القول، والتقدير: وجوه عاملة ناصبة في الدنيا يومئذ خاشعة.

وقيل: الآية نزلت في عبدة الأوثان والرهبان من أهل الكتاب، أنصبوا أنفسهم وأتعبوها بالعمل ولم يتقبل منهم، لأنهم على غير إسلام.

وقال عكرمة: (معناه): عاملة في الدنيا بمعاصي الله، ناصبة في الآخرة في النار. فيتم الكلام على هذا القول على " عاملة ".

وقال الحسن وقتادة: إن الوجوه في القيامة خاشعة عاملة ناصبة، وإنها (لما) لم تعمل في الدنيا لله أعملها الله في النار وأنصبها. فلا يتم الكلام من أوله على { نَّاصِبَةٌ } على هذا القول.

قال ابن عباس: " تعمل وتنصب في النار ".

وقال قتادة: " تكبرت في الدنيا عن طاعة الله، فأعملها وأنصبها في النار ".

وقال ابن زيد: " لا أحد أنصب ولا أشد من أهل النار ".

وكان عمر رضي الله عنه يتأولها في الدنيا في البرهان وشبههم. يعملون في الدنيا، ويجتهدون، وهم في النار. ويكون الكلام يتم على { خَاشِعَةٌ } لأنه آخر صفتهم في يوم القيامة، ثم ابتدأ بصفتهم في الدنيا.

وقيل: التقدير: وجوه عاملة ناصبة في الدنيا { يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ } يعني: في الآخرة.

وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم وسلم ذكر القدرية فبكى، وقال: إن فيهم المجتهد.

وقوله: { تَصْلَىٰ نَاراً حَامِيَةً } أي: ترد ناراً قد حميت واشتد حرها. والإخبار في جميع ذلك عن الوجوه، والمراد به أصحابها، لأن المعنى مفهوم.

ثم قال تعالى: { تَصْلَىٰ نَاراً حَامِيَةً }.

أي: [يسقى] يومئذ أصحاب هذه الوجوه (من عين قد) انتهى حرها فبلغ الغاية في شدة الحر.

وقال مجاهد: من عين قد (أنى / نضجها) منذ خلق الله عز وجل الدنيا. وقال ابن زيد: { مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ } أي: حاضرة.

وقال تعالى: { لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ }.

أي: (ليس) لأصحاب هذه (الوجوه) الخاشعة - وهم الكفار - طعام يطعمونه في النار إلا طعام من ضريع.

قال ابن عباس: " الضريع: شجر من نار ".

وقال ابن زيد: الضريع: الشوك من النار، والضريع عند العرب شوك يابس [ولا ورق فيه].

السابقالتالي
2 3 4