الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ سَبِّحِ ٱسْمَ رَبِّكَ ٱلأَعْلَىٰ } * { ٱلَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ } * { وَٱلَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ } * { وَٱلَّذِيۤ أَخْرَجَ ٱلْمَرْعَىٰ } * { فَجَعَلَهُ غُثَآءً أَحْوَىٰ } * { سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَىٰ } * { إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلْجَهْرَ وَمَا يَخْفَىٰ } * { وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَىٰ } * { فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ ٱلذِّكْرَىٰ } * { سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَىٰ } * { وَيَتَجَنَّبُهَا ٱلأَشْقَى } * { ٱلَّذِى يَصْلَى ٱلنَّارَ ٱلْكُبْرَىٰ } * { ثُمَّ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَا } * { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ } * { وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ } * { بَلْ تُؤْثِرُونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا } * { وَٱلآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } * { إِنَّ هَـٰذَا لَفِي ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ } * { صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ }

قوله تعالى: { سَبِّحِ ٱسْمَ رَبِّكَ ٱلأَعْلَىٰ } إلى آخرها.

أي: عظم يا محمد اسم ربك. وقيل: معناه عظم ربك الأعلى. وكان بعضهم إذا قرأ ذلك قال: سبحان ربي الأعلى. وقد رواه ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم. وكذلك روى السدي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

وقيل معناه: نزه يا محمد اسم ربك أن تسمي به شيئا سواه كما فعل المشركون من تسميتهم آلهتهم باللات والعزى، جعلوا العزى مشتقة من العزيز واللات من الله.

وقيل: معناه: نزهه عما يقول فيه المشركون كما قال:وَلاَ تَسُبُّواْ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ فَيَسُبُّواْ ٱللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ } [الأنعام: 108].

وقيل: معناه: نزه - يا محمد - تسميتك ربك الأعلى، وذكرك إياه أن تذكره إلا وأنت خاضع متذلل. قالوا: فالاسم هنا موضوع في موضع التسمية، فوضع الاسم مكان المصدر.

وقيل: معناه: [صل] بذكر ربك الأعلى، أي: صل [وأنت له ذاكر].

وقيل: معناه صل يا محمد لربك.

وقيل: معناه: عظم اسم ربك ونزّهه على أن تنسبه إلى ما نسبه إليه المشركون.

وهذا مما يدل على أن الاسم هو المسمى، لأن معناه: سبح الله. وليس يجوز " سبحان " اسم الله، ولا سبحان اسم الرب، فدل على أن معنى { سَبِّحِ ٱسْمَ رَبِّكَ } سبح ربك.

وقوله: { ٱلأَعْلَىٰ }.

أي: القاهر لك شيء، العالي عليه.

قال عقبة بن عامر: " لما نزلت: { سَبِّحِ ٱسْمَ رَبِّكَ ٱلأَعْلَىٰ } قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اجعلوها في سجودكم ". ولما نزلت: { فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ } قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اجعلوها في ركوعكم " ".

قال الفراء: " سبح اسم ربك " وسبح باسم ربك " ، كل صواب. كأنه جعله مما يتعدى بحرف وبغير حرف، ككلتك وكلت لك. ولا يحسن أن تقدره مما يتعدى بحرف ثم حذفه، إذ لا يجوز: مررت زيداً (على مررت بزيد) إلا في شعر شاذ. وهذا مما يستدل به على أن الاسم هو المسمى، لأنه تعالى لم يأمر نبيه أن يعبد (ويسبح) ويصلي لغيره.

فمعنى: { سَبِّحِ ٱسْمَ رَبِّكَ }: [سبح ربك]، فالاسم هو المسمى، ولو كان غيره لكانت العبادة لغير الرب [سبحانه]، والتسبيح لغيره - [جلت عظمته] - وليس يريد بالاسم هاهنا التسمية، لأنه لا اختلاف [في] أن التسمية غير / المسمى، وهذا باب يحتاج إلى بيان وشرح.

ثم قال تعالى: { ٱلَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ }.

أي: خلق الأشياء كلها، فسوّى خلقها وعدلها. والتسوية: التعديل.

ثم قال: { وَٱلَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ }.

أي: قدر خلقه فهدى الإنسان لسبيل الخير والشر، وهدى البهائم للمراعي.

قال مجاهد: " هدى الإنسان للشقوة والسعادة، وهدى الأنعام [لمراتعها].

السابقالتالي
2 3 4