الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَٰبَهُ وَرَآءَ ظَهْرِهِ } * { فَسَوْفَ يَدْعُواْ ثُبُوراً } * { وَيَصْلَىٰ سَعِيراً } * { إِنَّهُ كَانَ فِيۤ أَهْلِهِ مَسْرُوراً } * { إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ } * { بَلَىٰ إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيراً } * { فَلاَ أُقْسِمُ بِٱلشَّفَقِ } * { وَٱللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ } * { وَٱلْقَمَرِ إِذَا ٱتَّسَقَ } * { لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَن طَبقٍ } * { فَمَا لَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } * { وَإِذَا قُرِىءَ عَلَيْهِمُ ٱلْقُرْآنُ لاَ يَسْجُدُونَ } * { بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُكَذِّبُونَ } * { وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ } * { فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } * { إِلاَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ }

- قوله تعالى: { وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَٰبَهُ وَرَآءَ ظَهْرِهِ } ، إلى آخر السورة.

(أي): وأما من أعطي كتاب عمله وراء ظهره. وذلك أن تغلّ يده اليمنى إلى عنقه وتجعل الشمال من يديه وراء ظهره فيتناول كتابه بشماله من وراء ظهره. فلذلك وصفهم أنهم يُؤتُون كتابهم بشمالهم وأنهم يُؤتونها من وراء ظهورهم. قال مجاهد: " تجعل يده من وراء ظهره ".

روي أنه يعني به الأسود بن عبد الأسد أخا أبي سلمة هو أول من يأخذ كتابه بشماله.

روي أنه يمد يده ليأخذه بيمينه [فيجتذبه] ملك فيخلع يده فيأخذه بشماله من وراء ظهره. ثم هي عامة في أمثالهما.

- ثم قال تعالى: { فَسَوْفَ يَدْعُواْ ثُبُوراً }.

أي: ينادي بالهلاك (ويقول) (وا) ثبوراه، و " ياويلاه ". تقول العرب دعا فلان لَهفَه: إذا قال والهَفَاهُ.

قال الضحاك: { يَدْعُواْ ثُبُوراً } ، أي: " يدعوا بالهلاك ".

- ثم قال تعالى: { وَيَصْلَىٰ سَعِيراً }.

من شدده فمعناه [ويصليهم] الله النار تصلية بعد تصلية [وإنضاجة بعد إنضاجة] كما قال:كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَٰهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا } [النساء: 56].

ومن خفف، فمعناه أنهم يصلونها ويَرِدُونها [فيحترقون] فيها.

- ثم قال تعالى: { إِنَّهُ كَانَ فِيۤ أَهْلِهِ مَسْرُوراً }.

أي: إنه كان في الدنيا مسرورا بما هو فيه من خلافه أمرَ الله وكفره به.

- ثم قال تعالى: { إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن (يَحُورَ * بَلَىٰ)... }.

(أي): إنه ظن [أنه] لن يرجع بعد الموت ولا يبعث، فركب المعاصي وتمادى على الكفر إذ يرجو ثواباً ولا يخاف عقاباً.

- ثم قال: { بَلَىٰ } أي: بلى يبعث / ويرجع إلى ربه [ويجازى] على عمله.

{ إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيراً }.

أي: إن ربه لم يزل بصيراً بما يأتي من أعماله قبل خلقه إياه وبعد خلقه.

يقال: حار فلان عن كذا، أي: رجع عنه ومنه الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُول فِي دُعائِهِ: " الّلهم إنّي أَعُوذّ بِكَ مِن الحَوْرِ بَعدَ الكَونِ " (أي): من الرجوع إلى الكفر بعد الإيمان.

وقيل: معناه: من النقصان بعد الزيادة.

- ثم قال: { فَلاَ أُقْسِمُ بِٱلشَّفَقِ }.

لا زائدة مؤكدة. والمعنى فأقسم برب الشفق.

والشفق الحمرة في الأفق من ناحية المغرب من الشمس بعد غروب الشمس.

وقال مجاهد: " الشفق: النهار كله ".

وقيل: الشفق اسم للحمرة والبياض اللذين يكونان في السماء بعد غروب الشمس، وهو من الأضداد.

والشفق الذي تَحلّ بزواله صلاة العَتَمَةِ هو الحُمرةُ عند أكثر العلماء، وهو اختيار الطبري.

والعرب تقول: ثَوبٌ مُشفّقٌ: إذا (كان مصبوغاً) بحُمرةٍ. ثم عطف على القسم فقال:

{ وَٱللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ }.

أكثر المفسرين على أن معنى { وَمَا وَسَقَ }: وما جَمَعَ وما آوى وما ستر.

السابقالتالي
2 3