الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ } * { ٱلَّذِينَ إِذَا ٱكْتَالُواْ عَلَى ٱلنَّاسِ يَسْتَوْفُونَ } * { وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ } * { أَلا يَظُنُّ أُوْلَـٰئِكَ أَنَّهُمْ مَّبْعُوثُونَ } * { لِيَوْمٍ عَظِيمٍ }

- قوله: { وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ } ، إلى قوله: { لِيَوْمٍ عَظِيمٍ }.

أي: قبوح للمخسرين في كيلهم، الناقصين (الناس) إذا اكتالوا لهم أو وزنوا لهم.

وقيل: { وَيْلٌ } معناه: الوادي [الذي] في أسفل جهنم يسيل فيه صديد أهلها للذين ينقصون الناس ويبخسونهم حقوقهم في كيلهم ووزنهم.

قال ابن مسعود: ويل: (واد) في جهنم.

والمطففون: الناقصون. وأصل ذلك في الشيء الطفيف وهو القليل، النَّزْرُ.

والمطفف في اللغة: المُقَلِّلُ حَقَّ صاحبِ الحقِّ عَمَّا لَهُ من الوفاء في كيل أو وزن.

وحكى القتبي: " إناء [طفان] إذا لم يكن ممتلأ ".

وطفف فلان صلاته: إذا لم يجودها.

ويقال للشيء المطرح: طفيف.

و [قيل]: معنى { وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ } ووَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } [المرسلات: 15] عند سيبويه أنه دعاء يجري بين الناس، فخوطب العباد بما يجري [بينهم]، وجاء القرآن على لغتهم، فكأنه تعالى قال: هؤلاء ممن يجب هذا القول لهم، لأن هذا الكلام إنما يقال لصاحب الشر والهلكة. وروي عن ابن عباس أنه قال: لمَّا قَدِمَ النبي صلى الله عليه وسلم المدينة كَانَ أهلها من أخْبَثِ الناس كَيْلاً، فأنزل الله: { وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ } فأحسنوا الكيل.

وهذا الخبر يدل على أن السورة نزلت بالمدينة.

- وقوله تعالى: { ٱلَّذِينَ إِذَا ٱكْتَالُواْ عَلَى ٱلنَّاسِ يَسْتَوْفُونَ }.

أي: إذا اكتالوا من الناس ما لهم عليهم من حق استوفوا لأنفسهم وافياً.

و { عَلَى } بمعنى " من " - في هذا - عند الطبري.

وقيل: إن معنى الكلام بـِ " عَلَى " خلاف معناه بِـ " مِنْ " يقال: اكتلت عليك، بمعنى: أخذت ما عليك من حق. واكتلت منك، بمعنى: استوفيت / منك.

- ثم قال تعالى: { وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ }.

أي: وإذا [كالوا] للناس أو وزنوا لهم ينقصون، فَـ " هم " في موضع نصب، على هذا يقال: كِلْتُكَ حَقَّكَ، وكِلْتُ لَكَ حَقَّكَ. وهو قول أكثر النحويين. ودل على ذلك أن الخط لا ألف فيه بين الضميرين. وقال عيسى بن عمر: الهاء والميم في موضع رفع فيهما، وتقديره عنده: وهم إذا كالوا أو وزنوا يخسرون.

وقيل: " هم " في موضع رفع تأكيد للمضمر [المرفوع] في " كالوا " أو " وزنوا ".

- ثم قال تعالى: { أَلا يَظُنُّ أُوْلَـٰئِكَ أَنَّهُمْ مَّبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ }.

أي: ألا يظن المطففون أنهم مبعوثون ليوم القيامة من قبورهم فيجازون على تطفيفهم وبخسِهم الناس حقوقهم.

روي أنها نزلت في رجل من قريش كان بالمدينة معه صاعان: واف يقبض به، وناقص يعطي به، ثم هي عامة في كل من نقص الكيل إذا دفع وأوفى إذا قبض.