الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِذَا جَآءَتِ ٱلصَّآخَّةُ } * { يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ } * { وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ } * { وَصَٰحِبَتِهِ وَبَنِيهِ } * { لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ } * { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ } * { ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ } * { وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ } * { تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ } * { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْكَفَرَةُ ٱلْفَجَرَةُ }

- قوله تعالى: { فَإِذَا جَآءَتِ ٱلصَّآخَّةُ } ، إلى آخر السورة.

أي: فإذا قامت القيامة، والصاخة: اسم من أسماء يوم القيامة.

قال ابن عباس: الصاخة: القيامة.

وقال عكرمة: هي النفخة الأولى.

والطامة الكبرى: النفخة الثانية. فالأولى يموت بها كل حيّ. والثانية يحيى بها كل ميت.

وقال الحسن: (يصيخ) لها كل شيء، أي: يصمت لها كل شيء.

والصاخة في الأصل الداهية.

قال الطبري: وأحسبها مأخوذة من قولهم: صخّ فلان فلاناً: إذا أصمه. ولعل الصوت هو الصاخ. قال: فإن يكن ذلك كذلك، فينبغي أن يكون ذلك لنفخة الصور.

- ثم قال تعالى: { يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ }.

(أي: فإذا جاءت الصاخة في يوم يفر المرء من أخيه) وأمه وأبيه، وفراره منهم حذر من مطالبتهم إياه بمظالم لهم عليه. وقيل: معنى فراره عنه لئلا يرى ما ينزل بهم.

- ثم قال تعالى: { لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ }.

(يعني: لكل واحد من هؤلاء المذكورين ذلك اليوم شأن يغنيه).

عن شأن غيره.

قال قتادة: " أفضى إلى كل إنسان ما يشغله عن الناس ". " وسألتْ عائشة رضي الله عنها رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: كيفَ يُحْشرُ الرّجال؟ فقال: حُفاةً عُراةً، ثمّ سألتْهُ: كيفَ يُحشَرُ [النساء]؟ فقال: كَذَلِكَ حُفاةً عُراةً، فقالت: واسَوْأَتَاه من يوم القيامة!!

فقال: عن أيّ شيء تَسأليني؟ إنّهُ قدْ نَزَلت عليَّ آيةٌ لا يضرّك كَانت عليكِ ثِيابٌ (أمّ لا، قَالَت): أيّ آيةٍ [هِيَ يا نبيّ الله]؟

قال: { لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ }. قال: قد شغله عن صاحبه ".

يقال: غَنيْتُ بالمكان. أي: أقمت به فيكون معنى { يُغْنِيهِ } أي: يقيم عليه.

- ثم قال: { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ }.

أي: وجوه قوم يومئذ مشرقة مضيئة { ضَاحِكَةٌ } من السرور بما أعطاها الله من النعيم، { مُّسْتَبْشِرَةٌ } [لما] ترجوه من الزيادة وهي وجوه المؤمنين الذين قد رضي الله عنهم.

يقال: أسفر وجه فلان: إذا حَسُن، وأسفر الصبح: إذا أضاء. وكل مضيء (فهو مسفرٌ. ويقال للمرأة إذا ألقت خمارها أو نقابها أو [برقعها] قد سفرت) عن وجهها.

- ثم قال تعالى: { وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ }.

وهي وجوه الكفار. روي أن البهائم التي يصيرها الله تراباً يومئذ بعد القصاص يحول ذلك التراب غبرة في وجوه أهل الكفر.

- وقوله: { تَرْهَقُهَا (قَتَرَةٌ }.

أي): تغشى [تلك] الوجوه { قَتَرَةٌ } أي: ذلة.

ثم بين تعالى من هو، فقال:

- { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْكَفَرَةُ ٱلْفَجَرَةُ }.

أي: الكفرة بالله ورسله وكتبه، الفجرة في دينه لا يبالون ما أتوا من معاصي الله ومحارمه.