- قوله تعالى: { فَإِذَا جَآءَتِ ٱلصَّآخَّةُ } ، إلى آخر السورة. أي: فإذا قامت القيامة، والصاخة: اسم من أسماء يوم القيامة. قال ابن عباس: الصاخة: القيامة. وقال عكرمة: هي النفخة الأولى. والطامة الكبرى: النفخة الثانية. فالأولى يموت بها كل حيّ. والثانية يحيى بها كل ميت. وقال الحسن: (يصيخ) لها كل شيء، أي: يصمت لها كل شيء. والصاخة في الأصل الداهية. قال الطبري: وأحسبها مأخوذة من قولهم: صخّ فلان فلاناً: إذا أصمه. ولعل الصوت هو الصاخ. قال: فإن يكن ذلك كذلك، فينبغي أن يكون ذلك لنفخة الصور. - ثم قال تعالى: { يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ }. (أي: فإذا جاءت الصاخة في يوم يفر المرء من أخيه) وأمه وأبيه، وفراره منهم حذر من مطالبتهم إياه بمظالم لهم عليه. وقيل: معنى فراره عنه لئلا يرى ما ينزل بهم. - ثم قال تعالى: { لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ }. (يعني: لكل واحد من هؤلاء المذكورين ذلك اليوم شأن يغنيه). عن شأن غيره. قال قتادة: " أفضى إلى كل إنسان ما يشغله عن الناس ". " وسألتْ عائشة رضي الله عنها رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: كيفَ يُحْشرُ الرّجال؟ فقال: حُفاةً عُراةً، ثمّ سألتْهُ: كيفَ يُحشَرُ [النساء]؟ فقال: كَذَلِكَ حُفاةً عُراةً، فقالت: واسَوْأَتَاه من يوم القيامة!! فقال: عن أيّ شيء تَسأليني؟ إنّهُ قدْ نَزَلت عليَّ آيةٌ لا يضرّك كَانت عليكِ ثِيابٌ (أمّ لا، قَالَت): أيّ آيةٍ [هِيَ يا نبيّ الله]؟ قال: { لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ }. قال: قد شغله عن صاحبه ". يقال: غَنيْتُ بالمكان. أي: أقمت به فيكون معنى { يُغْنِيهِ } أي: يقيم عليه. - ثم قال: { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ }. أي: وجوه قوم يومئذ مشرقة مضيئة { ضَاحِكَةٌ } من السرور بما أعطاها الله من النعيم، { مُّسْتَبْشِرَةٌ } [لما] ترجوه من الزيادة وهي وجوه المؤمنين الذين قد رضي الله عنهم. يقال: أسفر وجه فلان: إذا حَسُن، وأسفر الصبح: إذا أضاء. وكل مضيء (فهو مسفرٌ. ويقال للمرأة إذا ألقت خمارها أو نقابها أو [برقعها] قد سفرت) عن وجهها. - ثم قال تعالى: { وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ }. وهي وجوه الكفار. روي أن البهائم التي يصيرها الله تراباً يومئذ بعد القصاص يحول ذلك التراب غبرة في وجوه أهل الكفر. - وقوله: { تَرْهَقُهَا (قَتَرَةٌ }. أي): تغشى [تلك] الوجوه { قَتَرَةٌ } أي: ذلة. ثم بين تعالى من هو، فقال: - { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْكَفَرَةُ ٱلْفَجَرَةُ }. أي: الكفرة بالله ورسله وكتبه، الفجرة في دينه لا يبالون ما أتوا من معاصي الله ومحارمه.