الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِي ٱلأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ ٱلدُّنْيَا وَٱللَّهُ يُرِيدُ ٱلآخِرَةَ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } * { لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ ٱللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَآ أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } * { فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلاَلاً طَيِّباً وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

قوله: { مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ } ، إلى قوله: { غَفُورٌ رَّحِيمٌ }.

المعنى: ما كان لنبيٍ أن يَحْبَسٍ كافراً قَدَر عليه للفدية والمن.

و " الأسْر ": الحبْس.

قوله: { حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِي ٱلأَرْضِ }.

أي: حتى يبالغ في قتل المشركين وقهرهم.

وهذا تعريف من الله عز وجل لنبيه عليه السلام، أن قتل من فادى به يوم بدر، كان أولى من المفاداة وإطلاقهم.

وقوله: { تُرِيدُونَ عَرَضَ ٱلدُّنْيَا }.

هذا للمؤمنين الذين رَغِبُوا في أخذ المال في الفداء.

{ وَٱللَّهُ يُرِيدُ ٱلآخِرَةَ } ، أي: يريد لكم زينة الآخرة وخيرها.

قال ابن عباس: كان هذا يوم بدر، والمسلمين قليل، فلما كثروا واشتد سلطانهم أنزل الله عز وجل، في الأسرى:فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَآءً } [محمد: 4]، فجعل الله المؤمنين بالخيار في أسَارَاهُم.

وقال مجاهد: " الإثْخان ": القتل.

وقال ابن مسعود: لما كان يوم بدر وجيء بالأسَارى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تقولون في هؤلاء الأسارى؟ فقال أبو بكر، رضي الله عنه: يا رسول الله، قومك وأهلك، فأستبقهم، لعل الله أن يتوب عليهم.

وروي عنه أنه قال: يا رسول الله، بنو العم والعشيرة، وأرى أن تأخذ منهم فدية تكون لنا قوة على الكفار، وعسى الله أن يهديهم إلى الإسلام.

وقال عمر رضي الله عنه، كذبوك وأخرجوك، فاضرب أعناقهم.

ورُوي عنه أنه قال: لا والله الذي لا إله إلا هو، ما أرى الذي قال أبو بكر، ولكني أرى أن تمكننا منهم، فنضرب أعناقهم، فإنّ هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها.

وقال عبد الله بن رواحة: يا رسول الله، انظر وادياً كثير الحطب فأدخلهم فيه، ثم أضْرمه عليهم. فقال له العباس: قطعتك رحمك. فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ناس: نأخذ برأي أبي بكر. وقال ناس: نأخذ برأي عمر.

وقال ناس: نأخذ برأي عبد الله بن رواحة. ثم خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " إن الله ليُليّنُ قلوب رجال [حتى تكون ألين من اللين، وإن الله ليشدد قلوب رجال حتى تكون أشد من الحجارة]، وإن مثلك يا أبا بكر، مثل إبراهيم عليه السلام، قال:فَمَن تَبِعَنِي [فَإِنَّهُ] مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [إبراهيم: 36]، ومثلك يا أبا بكر مثل عيسى، قال:إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } [المائدة: 118]، ومثلك يا عمر مثل نوح، قال:رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى ٱلأَرْضِ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ دَيَّاراً } [نوح: 26]، ومثلك يا عبد الله كمثل موسى، قال:رَبَّنَا ٱطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ / وَٱشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ } [يونس: 88]، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنتم اليوم عالة، فلا يقتلنّ أحد منكم إلا بفداءٍ أو ضربة عُنُق ".

السابقالتالي
2 3