الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَرِّضِ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَلَى ٱلْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُنْ مِّنكُمْ مِّئَةٌ يَغْلِبُوۤاْ أَلْفاً مِّنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ } * { ٱلآنَ خَفَّفَ ٱللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُنْ مِّنكُمْ مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوۤاْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّابِرِينَ }

قوله: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَرِّضِ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَلَى ٱلْقِتَالِ } إلى قوله: { مَعَ ٱلصَّابِرِينَ }.

والمعنى: إن الله، تبارك وتعالى، أمر نبيه عليه السلام، أن يحث من آمن به على قتال المشركين.

و " التَّحْرِيضُ ": الحث الشديد، وهو مأخوذ من: " الحَرَضِ " ، وهو: مقاربة الهلاك.

قوله: { إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ }.

أي: يصبرون على لقاء العدو، ويثبتون { يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ }.

من عدوهم، { وَإِن يَكُنْ مِّنكُمْ مِّئَةٌ يَغْلِبُوۤاْ أَلْفاً } ، من العدو، { بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ } ، أي: من أجل أنّ المشركين قوم يقاتلون على غير رجاء ثواب، ولا لطلب أجر، فهم لا يثبتون عند اللقاء، خشية أن يقتلوا فتذهب دنياهم.

ثم خفف تعالى ذلك عن المؤمنين، فقال: { ٱلآنَ خَفَّفَ ٱللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً } ، أي: تضعفون عن أن يلقى الواحد منكم عشرة منهم، { فَإِن يَكُنْ مِّنكُمْ مِّئَةٌ صَابِرَةٌ } ، على المكاره عند لقاء العدو، { يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ } من العدو { وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوۤاْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ ٱللَّهِ } ، أي: بمعونته { وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّابِرِينَ }.

قال عطاء: لما نزلت الآية الأولى، ثقل ذلك على المسلمين، وأَعْظَموا أن يقاتل عشرون منهم مئتين، ومئة ألفاً فَخَفَّف [الله] ذلك عنهم، فنسخها بالآية الأخرى فردهم يقفون إلى من هو مثلا عددهم، فإن (كان) المشركون أكثر من المسلمين، لم يلزم المسلمين الوقوف لهم، وحلَّ لهم أن يَتَحَوَّزُوا عنهم.

وقاله: عطاء، وعكرمة، والحسن، والسدي.

وقيل: إن هذا من الله تخفيف وليس بنسخ، فإنه لم يقل: لا يقاتل الواحد العشرة، إنما خفف عنهم ما كان فرض عليهم، ونظير ذلك: إفطار الصائم في السفر، إنما هو تخفيف، ولا يقال له نسخ، ألا ترى أنه لو صام لم يأثم، وأجزأه صومه.

ومن قرأ: { وَإِن يَكُنْ مِّنكُمْ مِّئَةٌ } ، بـ: " التاء " ، فعلى تأنيث اللفظ.

ومن قرأ بـ: " الياء " ، فلأنه تأنيث غير حقيقي، إذ المعنى: مائة رجل.

وقرأ أبو جعفر: { وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً } ، بالمد، جمع ضعيف.