قوله: { وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَٱجْنَحْ لَهَا } ، إلى قوله: { عَزِيزٌ حَكِيمٌ }. قد تقدم ذكر " السلم " في الفتح والكسر في " البقرة ". والمعنى: إن جنح هؤلاء الذين أمرت أن تنبذ إليهم على سواء إلى الصلح، أي: [مالوا إليه] فمل إليه، إمّا بالدخول في الإسلام، أو بإعطاء الجزية، وإما بموادعة. قال قتادة: وهي منسوخة بقوله:{ فَٱقْتُلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ } [التوبة: 5]. وقال ابن عباس نسخها:{ فَلاَ تَهِنُواْ وَتَدْعُوۤاْ إِلَى ٱلسَّلْمِ } [محمد: 35]. وقال عكرمة والحسن نسخها:{ قَاتِلُواْ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ } [التوبة: 29]، الآية. وقيل: إنها مُحْكَمةٌ. والمعنى: إن دعوك إلى الإسلام فصالحهم. قاله ابن إسحاق. { وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ }. أي: فوض أمرك إلى الله، { إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ }. ثم قال: { وَإِن يُرِيدُوۤاْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ ٱللَّهُ }. أي: إن يرد هؤلاء الذين أمرناك أن تجنح إلى السلم إن جنحوا لها خداعك وخيانتك، { فَإِنَّ حَسْبَكَ ٱللَّهُ } ، أي: كافيك الله. { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِٱلْمُؤْمِنِينَ }. أي: قوَّاك بذلك على أعدائك، { وَبِٱلْمُؤْمِنِينَ } هنا: الأنصار. وهذا كله في بني قريظة. { وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ }. أي: بين قلوب الأنصار: الأوس والخزرج، بعد التفرق والتشتت، { لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً } ، أي من ذهب وفضة { مَّآ أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ [أَلَّفَ] بَيْنَهُمْ } ، على الهدى، فقواك بهم. وروي عن ابن مسعود أنه قال: نزلت هذه الآية في المتحابين في الله عز جل: { لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً مَّآ أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ } ، الآية. وقال مجاهد: [إذا] التقى المسلمان وتصافحا غُفِر لهما.