الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَراً وَرِئَآءَ ٱلنَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ }

قوله: { وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ خَرَجُواْ } ، الآية.

هذه الآية تنبيه للمؤمنين ألاّ يعملوا عملاً إلا لله عز وجل، وطلب ما عنده تبارك وتعالى، ولا يفعلوا كفعل المشركين في مسيرهم إلى بدر طلب رئاء الناس. وذلك أنهم أُخبروا أن العير قد فاتت النبي صلى الله عليه وسلم، [وأصحابه]، وقيل لهم: ارجعوا فقد سلمت العير التي جئتم لنصرتها، فأبوا الرجوع، وقالوا: نأتي بدراً فنشرب بها الخمر، وتعزف علينا بها القيان، وتتحدث بنا العرب، فسُقُوا مكان الخمر المنايا.

وفيهم نزل: { وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَراً وَرِئَآءَ ٱلنَّاسِ } الآية.

قال ابن عباس: لما رأى أبو سفيان أنه أحرز عيره، أرسل إلى قريش: إنكم إنما خرجتم لتمنعوا عِيركم ورجالكم وأموالكم، فقد نجت، فارجعوا، فقال أبو جهل بن هشام: والله لا نرجع حتى نَرِد بدراً، وكان " بدر " موسماً من مواسم العرب، تجتمع لهم بها سوق كل عام، فنقيم عليهم ثلاثاً، وننحر الجُزُر، ونطعم الطعام، فمضوا حتّى أتوا بدراً، فاجتمع السقاة على الماء من هؤلاء ومن هؤلاء، فجاز المشركون الماء.

ومعنى " البَطَرُ ": التقوية بنعم الله، تعالى على المعاصي، فأمر الله عز وجل المؤمنين بإخلاص العمل له، ولا يكونوا كهؤلاء، الذين أتوا بدراً للرياء والسمعة بَطَراً منهم.