الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُواْ قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَآءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَـٰذَا إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } * { وَإِذْ قَالُواْ ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ }

قوله: { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُواْ [قَدْ] سَمِعْنَا } إلى قوله: { بِعَذَابٍ أَلِيمٍ }.

المعنى: أنَّ الله عز وجل، حكى عنهم: أنهم يقولون إذا يُتلى عليهم القرآن: { لَوْ نَشَآءُ لَقُلْنَا } مثله: { إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } ، أي: سطَّره الأولون وكتبوه من أخبار الأُمم.

قال ابن جريج: كان النضرُ بنُ الحارث يختلف تاجراً إلى فارس، فيَمرُّ بالعبادِ وهم يقرأون الإنجيل ويركعون ويسجدون. فجاء مكة، فوجد / محمداً صلى الله عليه وسلم، قد أُنْزِلَ عليه وهو يركع ويسجد، فقال: { قَدْ سَمِعْنَا } ، مثل هذا { لَوْ نَشَآءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَـٰذَا } ، يعني: ما سمع من العِبَادِ.

وقال السدي: كان النَّضْر يختلف إلى الحيرة. فيسمع سجْع أهْلها وكلامهم، فلما سمع بمكة كلام النبي صلى الله عليه وسلم، والقرآن، قال: قد سمِعْتُ مثله: { لَوْ نَشَآءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَـٰذَا إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } ، يقول: أسَاجيع أهل الحيرة. و { أَسَاطِيرُ }: جمع الجمع، فهو جمع " أسطر " ، و " أسطر " جمع سطر.

وقيل: إنه جمع، وواحده: " أسطورة ".

وقُتِل النَّضر هذا وهو أسير يوم بدر صَبْراً. أسره المقداد. فقال النبي صلى الله عليه وسلم، اقتله؛ فإنَّه يقول في كتاب الله ما يقول، فراجعه المقداد ثلاث مرات، كل ذلك يأمره بقتله، فقتل.

وقوله: { وَإِذْ قَالُواْ ٱللَّهُمَّ } ، الآية.

معناه: واذكر، يا محمد، إذْ قالوا ذلك.

والذي قاله عند ابن جُبير: هو النَّضْر بن الحارث.

وقال مجاهد: هو النَّضْر بن كَلَدَة، وأنَّه قتل بمكة بدليل قوله: { وَمَا كَانَ (ٱللَّهُ) لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ }.

ومعناه أنه قال: اللهم إنْ كان هذا الذي أتى به مُحمّدٌ هو الحق، { فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ }.

قال عطاء: لقد نزل فيه بضع عشرة آية، منها: ما ذكرنا ومنها قوله:

وَقَالُواْ رَبَّنَا عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا } [ص: 16]، الآية، ومنها:وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَٰدَىٰ } [الأنعام: 94]، الآية.

ومنها:سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } [المعارج: 1] الآية.

قال أبو عبيدة: كلُّ شيء من العذاب فهو " أمطرت " ، ومن الرحمة " مَطِرت ".