الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِقِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } * { ذٰلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ ٱلنَّارِ } * { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ ٱلأَدْبَارَ } * { وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَىٰ فِئَةٍ فَقَدْ بَآءَ بِغَضَبٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } * { فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ وَلِيُبْلِيَ ٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاۤءً حَسَناً إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }

قوله: { ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } ، إلى قوله: { سَمِيعٌ عَلِيمٌ }.

والمعنى: هذا الفعل الذي فُعل بهم من ضرب الأعناق وغير ذلك، { بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } ، أي: خالفوه، كأنهم صاروا فِي شِقٍّ آخر بمخالفتهم له.

{ وَمَن يُشَاقِقِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ }.

أي: يخالفه.

أَجْمَعَ القراء على الإظهار، إذ هو في الخَطِّ بقافين.

والإظهَارُ لغة أهل الحجاز، وغيرهم يُدْغِمُ، وعليه أُجْمِعَ في: " الحشر ".

ويحسن " الرَّوْمُ " ، في الوقف في: " الحشر " /؛ لأن الساكن الذي حرك من أجله الثاني لازم في الوقت، وهو " القاف " الأولى المُدْغَمة في الثانية، ولا يحسن " الرّوْمُ " في الوقوف [في الأفعال؛ لأن الساكن الذي حرك من أجله " القاف " الثانية غير لازم في الوقف] وهو " اللام " من اسم الله، جل ذكره، فقس عليه ما كان مثله.

وقوله: { ذٰلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ }.

{ وَأَنَّ }: في موضع رفع عطف على: { ذٰلِكَ }.

وقيل المعنى: وذلك وأن للكافرين، و { ذٰلِكُمْ }: في موضع رفع على معنى: الأمر ذلكم، أو: ذلكم الأمر.

وقيل: { أَنَّ } في موضع نصب على معنى: واعلموا أن للكافرين، كما قال.
يَا لَيْتَ زَوْجَكَ قَدْ غَدَا   مُتَقَلِّداً سَيْفاً وَرُمْحاً
أي: وحاملاً رُمحاً.

ويجوز أن يكون في موضع نصب على معنى: وأن للكافرين.

ومعنى الكلام: هذا الذي عُجَّلَ لكم من ضرب الأعناق وضرب كلِّ بنان في الدنيا ذوقوه، أيها الكافرون، واعلموا أن لكم في الآخرة عذاب النار.

ثم قال تعالى: { يَآأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا لَقِيتُمُ } الآية.

والمعنى: إن الله أمر المؤمنين ألا يَفِرُّوا من الكفار إذا تدانى بعضهم من بعض عند القتال.

وقيل: المعنى: إذا وَاقفَتْمُوهُم فلا تفروا منهم، ولكن أثبتوا فإنّ الله معكم.

ثم توعد من يتولى أنه يرجع بغضب من الله، وأنَّ مأواهم جهنم، وأرخص لهم أن يتحرف الرجل لتمكنه عودة إلى الظفر، لا ليولي هارباً، وأرخص أن ينحاز الرجل إلى فئة من المؤمنين ليكون معهم.

يقال: تحوَّزت وتحيّزتُ.

قال الضحاك: " المُتَحَرِّفُ ": المتقدم من أصحابه ليظفر بعودة للعدو، و " المُتَحَيَزُ ": الذي يرجع إلى أميره وأصحابه.

قال عطاء: هذا مَنْسُوخٌ، نسخه:يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَرِّضِ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَلَى ٱلْقِتَالِ } [الأنفال: 65] الآية، فأُمِروا أن يَفِرُّوا ممن هو أكثر من مِثْلَيْهم.

وقال الحسن: الآية مخصوصة في أهل بدر خاصة، وليس الفرار من الكبائر.

وقال أبو سعيد الخدري: نَزَلَتْ في أهل بدر، يعني: { وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ }.

ودليل أنها مخصوصة يوم بدر قوله: { يَوْمَئِذٍ } ، فعلق الحكم بيوم معلوم.

وقال ابن عباس: الآية محكمة، وحكمها باق إلى اليوم، والفرار من الكبائر.

ومعنى: { بَآءَ بِغَضَبٍ }.

أي: رجع به.

السابقالتالي
2 3 4