الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّا هَدَيْنَاهُ ٱلسَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً } * { إِنَّآ أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاَسِلاَ وَأَغْلاَلاً وَسَعِيراً } * { إِنَّ ٱلأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً } * { عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ ٱللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً } * { يُوفُونَ بِٱلنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً } * { وَيُطْعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً } * { إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ ٱللَّهِ لاَ نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَآءً وَلاَ شُكُوراً } * { إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً } * { فَوَقَٰهُمُ ٱللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ ٱلْيَومِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً } * { وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُواْ جَنَّةً وَحَرِيراً } * { مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَىٰ ٱلأَرَائِكِ لاَ يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلاَ زَمْهَرِيراً }

- قوله تعالى: { إِنَّا هَدَيْنَاهُ ٱلسَّبِيلَ } ، إلى قوله: { وَلاَ زَمْهَرِيراً }.

أي: إنا بينا له طريق الحق وعرَّفناه. قال مجاهد: { إِنَّا هَدَيْنَاهُ ٱلسَّبِيلَ }: الشقاوة والسعادة. وقال قتادة: { إِنَّا هَدَيْنَاهُ ٱلسَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً } لنعم الله { وَإِمَّا كَفُوراً } لها. وقال ابن زيد: { إِنَّا هَدَيْنَاهُ ٱلسَّبِيلَ } قال: [ننظر] أي شيء يصنع وأي الطريقين يسلك. ومعنى " إما " في هذا الموضع كمعنى: [ " أو " إلا أنها] تدل على المعنى في أول الكلام. ودليل ذلك قول المفسرين: إن معناه: إما شقياً وإما سعيداً. والشقاوة والسعادة يفرغ منهما وهو في بطن أمه. وقيل: { شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً }: حالان مقدران.

وأجاز الفراء أن [تكون] " ما " زائدة [و " إن " ] للشرط.

والمعنى على هذا: " إنا هديناه السبيل إن شكر وإن كفر ". وفيه بعد لأن " إن " التي للشرط لا تقع على الأسماء إلا بإضمار فعل، ولا يحسن ذلك هنا. وقيل: تقديره على قول الفراء: " إن كان شاكراً أو كان كفوراً ".

- ثم قال تعالى: { إِنَّآ أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاَسِلاَ وَأَغْلاَلاً وَسَعِيراً }.

أي: إنا أعتدنا لمن كفر (وأعرض عن الإيمان) وجحد النعم [ { سَلاَسِلاَ } ] يوثقون بها في الجحيم { وَأَغْلاَلاً } تغل بها أيديهم إلى أعناقهم { وَسَعِيراً } أي: وناراً تسعر عليهم فتوقد.

فمن لم ينون [ { سَلاَسِلاَ } ] أتى به على منع الصرف لأنه جمع لا نظير له في الواحد، وهو نهاية الجمع، فثقل فمنع الصرف. ومن وقف عليه بألف مع منعه لصرفه فعلى لغة مسموعة عن العرب.

حكى الرؤاسي والكسائي أن العرب تقف على ما لا يتصرف في حال الفتح بألف [لبيان] الفتحة. وله حجة أخرى: وذلك أنه في بعض المصاحف بألف. فاتَّبَعَ السَّوَادَ في الوقف، واتبع أصل الإعراب في الوصل.

فأما من نونه، فعلى لغة مسموعة من بعض العرب. حكى الكسائي وغيره من الكوفيين أن بعض [العرب يصرف كل ما] لا ينصرف إلا " أفعل منك ". وقال بعض أهل النظر: كل ما يجوز في الشعر يجوز في القرآن، لأن الشعر أصل كلام العرب، والعرب تصرف هذا ونحوه في الشعر. وقيل: إنما صرف لأنه أُتْبِعَ بما بعده، وهو [ { وَأَغْلاَلاً } ].

وكذلك الحجة فيقَوَارِيرَاْ * قَوَارِيرَاْ } [الإنسان: 15-16]، عند من منع صرفه ووقف بالألف. أو بغير ألف أو صرفه.

- ثم قال تعالى: { إِنَّ ٱلأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً }.

أي: إن الذين بروا ربهم بطاعتهم في أداء فرائضه واجتناب محارمه يشربون في الآخرة { مِن كَأْسٍ } ، وهو كل إناء فيه شراب كان مزاج ما فيها من الشراب { كَافُوراً } يعني أن [طيب] رائحة الشراب كالكافور.

السابقالتالي
2 3