الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلاَلُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً } * { وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَاْ } * { قَوَارِيرَاْ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً } * { وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً } * { عَيْناً فِيهَا تُسَمَّىٰ سَلْسَبِيلاً } * { وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَّنثُوراً } * { وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً } * { عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوۤاْ أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً } * { إِنَّ هَـٰذَا كَانَ لَكُمْ جَزَآءً وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُوراً }

- [قوله تعالى]: { وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلاَلُهَا } إلى قوله: { مَّشْكُوراً }.

أي: وقربت منهم ظلالها. وانتصب { دَانِيَةً } على العطف على { جَنَّةً }.

والتقدير: وجزاهم جنة دانية.

ويجوز أن يكون [حالاً عطفاً] على { مُّتَّكِئِينَ } أو على { (لاَ) يَرَوْنَ } ، ويجوز أن يكون صفة للجنة.

ويجوز أن يكون على المدح مثل:[وَٱلْمُقِيمِي] ٱلصَّلاَةِ } [الحج: 35] فهو - [و] إن كان نكرة - فإنه يشبه المعرفة، إذ قال طال الكلام به.

وقرأ ابن مسعود: { وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ } ، حَمَلَهُ على تذكير الجمع وهو ظلالها.

وفي قراءة أُبَيّ (ودانٍ)، على أنه [في] موضع رفع مثل: قَاضٍ المرفوع. حمله [على] أنه خبر { ظِلاَلُهَا } مقدم.

- ثم قال تعالى: { وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً }.

قال مجاهد: معناه: إن قام ارتفعت بقدرة (الله)، (فإن) قعد تذللت حتى ينالها، وإن [اضطجع] تذللت حتى ينالها.

وقال قتادة: معناه " لا يَرُدُّ أيديهم عنها [بعد] ولا شوك ".

قال سفيان: { وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا } قال: " يتناوله كيف شاء، جالساً ومتكئاً ". قال مجاهد: أرض الجنة وَرِقً، وتُرْبُهَا مسك، وأصول شجرها ذهب، ووَرَق أفنانها لؤلؤ وزبرجد وياقوت، والثمر تحته.

- ثم قال تعالى: { وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً }.

" ويقال: " المذلل الذي قد ذللـه الماء أي أرواه ".

" ويقال: المذلل الذي [يُفَيِّئُهُ] [أدنى] ريح ".

" ويقال: المذلل: المسوى ". وأهل الحجاز يقولون: [ذلل] نَخْلَكَ.

أي: سوه. ويقال: المُذَلَّلُ: القريب المُتَنَاوَل. من قولهم: [دابة] ذليلُ " أي: قصيرة. هذه أقول أهل اللغة.

- ثم قال تعالى: { وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ }.

أي: ويطاف على هؤلاء الأبرار في الجنة بآنية في بياض الفضة وصفاء القوارير. قال مجاهد: فيها رقة القوارير في بياض الفضة. وهو قول قتادة.

- وقوله: { وَأَكْوابٍ }.

أي: " ويطاف عليهم مع الأواني بجرار ضخام فيها الشراب. وكل جرة ضخمة لا عروة لها [فهي] كوب ".

وقال مجاهد: الكوب: [الكوز] الذي لا عروة له. وهو قول أكثر المفسرين. وقال قتادة: هو القِدْحُ.

- وقوله: { كَانَتْ قَوَارِيرَاْ * قَوَارِيرَاْ }.

[أي]: كانت هذه الأواني والأكواب قوارير فحولها الله فضة. وقيل: إن قوله: { وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ } يدل على أن أرض الجنة من فضة. لأن المعلوم في الدنيا المتعارف أن كل آنية (تتخذ) فإنما تتخذ من تربة الأرض التي [هي] فيها، فدل على أن أرض الجنة من فضة بقوله: { وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ }.

قال أبو صالح: كان تراب هذه الأواني فضة.

- وقوله: { قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً }.

أي: قدروا تلك الأواني على قدر [رِيِّهم]، لا تزيد ولا تنقص في ذلك، يعني: [قدرها] الملائكة [الطائفون] بالآنية والأكواب. قال الحسن: " قُدِّرت [لِريِّ] القوم.

السابقالتالي
2 3 4