- [قوله تعالى]: { وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلاَلُهَا } إلى قوله: { مَّشْكُوراً }. أي: وقربت منهم ظلالها. وانتصب { دَانِيَةً } على العطف على { جَنَّةً }. والتقدير: وجزاهم جنة دانية. ويجوز أن يكون [حالاً عطفاً] على { مُّتَّكِئِينَ } أو على { (لاَ) يَرَوْنَ } ، ويجوز أن يكون صفة للجنة. ويجوز أن يكون على المدح مثل:{ [وَٱلْمُقِيمِي] ٱلصَّلاَةِ } [الحج: 35] فهو - [و] إن كان نكرة - فإنه يشبه المعرفة، إذ قال طال الكلام به. وقرأ ابن مسعود: { وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ } ، حَمَلَهُ على تذكير الجمع وهو ظلالها. وفي قراءة أُبَيّ (ودانٍ)، على أنه [في] موضع رفع مثل: قَاضٍ المرفوع. حمله [على] أنه خبر { ظِلاَلُهَا } مقدم. - ثم قال تعالى: { وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً }. قال مجاهد: معناه: إن قام ارتفعت بقدرة (الله)، (فإن) قعد تذللت حتى ينالها، وإن [اضطجع] تذللت حتى ينالها. وقال قتادة: معناه " لا يَرُدُّ أيديهم عنها [بعد] ولا شوك ". قال سفيان: { وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا } قال: " يتناوله كيف شاء، جالساً ومتكئاً ". قال مجاهد: أرض الجنة وَرِقً، وتُرْبُهَا مسك، وأصول شجرها ذهب، ووَرَق أفنانها لؤلؤ وزبرجد وياقوت، والثمر تحته. - ثم قال تعالى: { وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً }. " ويقال: " المذلل الذي قد ذللـه الماء أي أرواه ". " ويقال: المذلل الذي [يُفَيِّئُهُ] [أدنى] ريح ". " ويقال: المذلل: المسوى ". وأهل الحجاز يقولون: [ذلل] نَخْلَكَ. أي: سوه. ويقال: المُذَلَّلُ: القريب المُتَنَاوَل. من قولهم: [دابة] ذليلُ " أي: قصيرة. هذه أقول أهل اللغة. - ثم قال تعالى: { وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ }. أي: ويطاف على هؤلاء الأبرار في الجنة بآنية في بياض الفضة وصفاء القوارير. قال مجاهد: فيها رقة القوارير في بياض الفضة. وهو قول قتادة. - وقوله: { وَأَكْوابٍ }. أي: " ويطاف عليهم مع الأواني بجرار ضخام فيها الشراب. وكل جرة ضخمة لا عروة لها [فهي] كوب ". وقال مجاهد: الكوب: [الكوز] الذي لا عروة له. وهو قول أكثر المفسرين. وقال قتادة: هو القِدْحُ. - وقوله: { كَانَتْ قَوَارِيرَاْ * قَوَارِيرَاْ }. [أي]: كانت هذه الأواني والأكواب قوارير فحولها الله فضة. وقيل: إن قوله: { وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ } يدل على أن أرض الجنة من فضة. لأن المعلوم في الدنيا المتعارف أن كل آنية (تتخذ) فإنما تتخذ من تربة الأرض التي [هي] فيها، فدل على أن أرض الجنة من فضة بقوله: { وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ }. قال أبو صالح: كان تراب هذه الأواني فضة. - وقوله: { قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً }. أي: قدروا تلك الأواني على قدر [رِيِّهم]، لا تزيد ولا تنقص في ذلك، يعني: [قدرها] الملائكة [الطائفون] بالآنية والأكواب. قال الحسن: " قُدِّرت [لِريِّ] القوم.