الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلْمُزَّمِّلُ } * { قُمِ ٱلَّيلَ إِلاَّ قَلِيلاً } * { نِّصْفَهُ أَوِ ٱنقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً } * { أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ ٱلْقُرْآنَ تَرْتِيلاً } * { إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً } * { إِنَّ نَاشِئَةَ ٱللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْأً وَأَقْوَمُ قِيلاً } * { إِنَّ لَكَ فِي ٱلنَّهَارِ سَبْحَاً طَوِيلاً } * { وَٱذْكُرِ ٱسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً } * { رَّبُّ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَٱتَّخِذْهُ وَكِيلاً } * { وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً } * { وَذَرْنِي وَٱلْمُكَذِّبِينَ أُوْلِي ٱلنَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً }

- قوله: { يٰأَيُّهَا ٱلْمُزَّمِّلُ * قُمِ ٱلَّيلَ } إلى قوله { وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً }.

معناه: يا أيها الملتف بثيابه، يعني النبي - صلى الله عليه وسلم -. وأصله: المتزمل ثم أدغمت التاء في [الزاي].

قال قتادة: إنما قيل له: { يٰأَيُّهَا ٱلْمُزَّمِّلُ }؛ لأنه كان متزملاً في ثيابه، كأنه متأهب للصلاة؛ ودل على ذلك قوله: { قُمِ ٱلَّيلَ إِلاَّ قَلِيلاً }.

قال ابن عباس: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يَفْرقَ من جبريل فيتزمل بالثياب في أول ما جاءه حتى أنس به.

وقال عكرمة: زمل هذا الأمر، يعني: النبوة والرسالة.

قال: الزهري: التف النبي - صلى الله عليه وسلم - بثيابه من [فزع] أصابه أول ما رأى الملك فنودي بصفة فعله.

وقيل: كان يتزمل بالثياب، من شدة ما يلقى من قريش من تكذيبهم له [وتخويفهم] وأَذاَهُم.

قال [النخعي] كان متزملاً في قطيفة.

- وقوله: { قُمِ ٱلَّيلَ إِلاَّ قَلِيلاً / }.

أي: قم الليل كله للصلاة إلا قليلاً ثم أبدل من الليل بدل البعض من الكل فقال:

- { نِّصْفَهُ أَوِ ٱنقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً }.

أي: قم نصفه أو أقل من النصف.

- { أَوْ زِدْ عَلَيْهِ... }.

[أي]: أو زد على النصف.

فهذا كله تخيير من الله لرسوله بين أن يفعل ما شاء من هذه الثلاث المنازل: يقوم النصف أو أقل أو أكثر.

وكان هذا فرضاً عليه وعلى المؤمنين فكانوا يقومون ثم خففه عنهم الآيتين في آخر السورة فَفَسَخَتَا هَذَا، وهو قول أكثر العلماء.

وقيل: إن ذلك كان ندباً ولم يكن فَرِْضاً.

وقيل: بل كان فرضاً على النبي - صلى الله عليه وسلم - وحده.

قال ابن عباس: كان بين أولها وآخرها سنة.

وقالت عائشة رضي الله عنها: لما نزل { يٰأَيُّهَا ٱلْمُزَّمِّلُ } كان الرجل يربط الحبل ويتعلق به فمكثوا بذلك ثمانية أشهر، فرأى الله ما يبتغون من رضوانه فرحمهم فردهم إلى الفريضة وترك قيام الليل.

وقال ابن جبير: مكث النبي - صلى الله عليه وسلم - يقوم الليل كما أمره (الله) عشر سنين ثم خفف عنهم بعد ذلك.

قال عكرمة: { قُمِ ٱلَّيلَ إِلاَّ قَلِيلاً... } الآية نسختها الآية التي في آخرهاعَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَٱقْرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنَ ٱلْقُرْآنِ } [المزمل: 20].

وقال قتادة: قاموا حولاً أو حولين حتى انتفخت سوقهم وأقدامهم، فأنزل الله تخفيفها في آخر السورة.

قال الحسن: لما نزلت: { يٰأَيُّهَا ٱلْمُزَّمِّلُ } " قام المسلمون حولاً، فمنهم من أطاقه ومنهم من لم يطقه، حتى نزلت الرخصة ".

قال ابن زيد: أول ما افترض الله على رسوله والمؤمنين صلاة الليل وقرأ أول هذه السورة.

- قوله: { وَرَتِّلِ ٱلْقُرْآنَ تَرْتِيلاً... }.

أي: وبيّن القرآن إذا قرأته في صلاتك تبييناً (وترسل فيه ترسلاً)، قاله قتادة.

السابقالتالي
2 3