الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يٰشُعَيْبُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ } * { قَدِ ٱفْتَرَيْنَا عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا ٱللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَآ أَن نَّعُودَ فِيهَآ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً عَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا ٱفْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِٱلْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْفَاتِحِينَ }

قوله: { قَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يٰشُعَيْبُ } ، إلى: { ٱلْفَاتِحِينَ }.

المعنى: قال الملأ الذين استكبروا [عن الإيمان] من قومه: { لَنُخْرِجَنَّكَ يٰشُعَيْبُ } ، ومن آمن معك، { مِن قَرْيَتِنَآ } ، أو لترجعن إلى ديننا. قال شعيب لهم: { أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ } ، أي: تخرجوننا، ونحن كارهون لذلك.

وقوله: { قَدِ ٱفْتَرَيْنَا عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ }.

أي: قال شعيب لقومه إذْ دعوه إلى ملتهم، وَتَوَعَّدوه بالطرد: { قَدِ ٱفْتَرَيْنَا عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } ، أي: اختلقنا على الله كذباً، وتَخَرَّصْنَا ذلك عليه، إن نحن { عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ } ، أي: دينكم، بعد أن أنقذنا الله منها. وهذا من قول من آمن به وقد كان كافراً. فأما شعيب فلم يكن على ملتهم قط.

ثم قال: { وَمَا يَكُونُ لَنَآ أَن نَّعُودَ فِيهَآ } ،: في ملتكم فندين الله بها { إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّنَا } ، أي: إلا بمشيئة الله (سبحانه)، أي إلا أن يشاء ربنا أن يَتَعَبَّدَنَا بشيء مما أنتم عليه.

وقيل المعنى: إلا أن يشاء الله أن نعود، وهو لا يشاء ذلك أبداً بمنزلة قوله:حَتَّىٰ يَلِجَ ٱلْجَمَلُ فِي سَمِّ ٱلْخِيَاطِ } [الأعراف: 40]. وقيل: هو استثناء من الأول.

{ وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً }. أي: أحاط به، فلا يخفى عليه شيء [كان، ولا شيء هو كائن]، فإن سبق في علمه أنا نعود في شيء منها؛ فلا بد أن يكون.

والله لا يشاء الكفر، أي: لا يُحِبُّه ولا يرضاه، وهو يشاؤه بمعنى: يُقَدِّره ويقضيه على من علمه منه. وقيل المعنى: ملأ ربنا كل شيء علماً.

ثم قال: { عَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلْنَا }. أي: عليه نعتمد في أمورنا.

{ رَبَّنَا ٱفْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِٱلْحَقِّ }. أي: احكم بيننا وبينهم.

{ وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْفَاتِحِينَ }. أي: الحاكمين.