الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } * { قَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ ٱلْكَاذِبِينَ } * { قَالَ يَٰقَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَٰكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ } * { أُبَلِّغُكُمْ رِسَٰلٰتِ رَبِّي وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ } * { أَوَ عَجِبْتُمْ أَن جَآءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَٱذكُرُوۤاْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَآءَ مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي ٱلْخَلْقِ بَصْطَةً فَٱذْكُرُوۤاْ ءَالآءَ ٱللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }

قوله: { وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً } إلى: { تُفْلِحُونَ }.

المعنى: وأرسلنا إلى عاد أخاهم هوداً، وهود من ولد نوح (عليه السلام)، بينه وبينه سبعة آباء. وكان أشبه خلق الله (تعالى) بآدم (عليه السلام)، خلا يوسف (عليه السلام)، وكانت عاد ثلاث عشرة قبيلة، ينزلون الرمل. بلادهم أخصب بلاد، فلما سخط الله (عز وجل) عليهم جعلها مفاوز، وكانوا بنواحي عمان إلى حضرموت إلى اليمن، ولما أهلك الله (عز وجل) قومه لحق هود (عليه السلام) ومن آمن معه بمكة فلم يزالوا بها حتى ماتوا، وكان هود (عليه السلام) رجلاً تاجراً. فقال لهم: { ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ } ، ليس لكم إله يجب أن تعبدوه غيره، { أَفَلاَ تَتَّقُونَ }.

[ { قَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ }.

أي]: قال الأشراف والجماعة من قومه، وهم الملأ من كفار قومه، { إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ } ، أي: في ضلالة. وقيل: في جهل عن الحق والصواب.

{ وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ ٱلْكَاذِبِينَ } ، أي: في قوله: إني { رَسُولٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ } ، كان ذلك ظناً منهم ليس على يقين، فكفروا على الشك منهم. قال (لهم): { يَٰقَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ } ، أي: ضلالة، أي: جهل، { وَلَٰكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ }.

وأصل السفة: رقة الحلم، والطيش. وَذُكِّرَ في قوله: { لَيْسَ }؛ لأنه مصدر، وهو بمعنى السفه، وقد فرق، أيضاً، بينه وبين الفعل.

ثم قال لهم: { أُبَلِّغُكُمْ رِسَٰلٰتِ رَبِّي }. أي: أؤدي إليكم أمر ربي ونهيه.

{ وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ }.

أي: ناصح في ما آمركم به وأنهاكم عنه، أمين على وحي ربي ورسالاته.

ثم قال موبخاً لهم: { أَوَ عَجِبْتُمْ أَن جَآءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنكُمْ }.

أي: على لسان رجل منكم.

{ لِيُنذِرَكُمْ } ، أمر الله. ثم قال: { وَٱذكُرُوۤاْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَآءَ مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ }.

أي: اذكروا نعمة الله عليكم إذ استخلفكم في الأرض، بعد قوم نوح. فاتقوا أن يصيبكم (مثل) ما أصابهم، واذكروا نعمته إذ { زَادَكُمْ فِي ٱلْخَلْقِ بَصْطَةً } ، أي: زاد في أجسامكم طولاً وعظماً على أجسام قوم نوح.

وقيل: على أجسام آبائكم الذين ولدوكم.

قال زيد بن أسلم: لقد بلغني أن ضباعاً رُئِيت رابضة وأولادها في حجاج عين رجل منهم. قال: ولقد بلغني أنه كان في الزمن الأول تمضي أربع مائة سنة، وما يسمع فيه بجنازة. ثم قال: { فَٱذْكُرُوۤاْ ءَالآءَ ٱللَّهِ }.

أي: نعمه عليكم.

{ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }.

أي: لتكونوا على رجاء من الفلاح.

قال السدي: كانت عاد باليمن، بالأْحقَاف. فكانوا قد قهروا أهل الأرض بفضل قوتهم. وكانوا أصحاب أوثان يعبدونها، وهي " صُدَاء " ، و " صَمُود " و " اللهنا " ، أسماء أصنامهم، فبعث الله (عز وجل) / إليهم هوداً، وهو من أوسطهم نسباً، فأمرهم أن يوحدوا الله (تعالى)، ولا يجعلوا مع الله إلهاً غيره، وأن يكفوا عن ظلم الناس، لم يأمرهم بغير ذلك فأبوا (تصديقه) وكذبوه وقالوا:

السابقالتالي
2