الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَىٰ عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } * { هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ ٱلَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَآءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلْحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَآءَ فَيَشْفَعُواْ لَنَآ أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ ٱلَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ }

قوله: { وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ } ، إلى { يَفْتَرُونَ }.

لام: " لقد " حيث وقعت لام توكيد، متعلق بمعنى القسم، والمعنى: والله أقسم لقد كان هكذا.

و: " الكتاب " [هو]: القرآن.

و: { فَصَّلْنَاهُ }: بيناه.

{ عَلَىٰ عِلْمٍ }.

أي: على علم منا بالميز بين الحق والباطل والضلال والهدى.

{ هُدًى وَرَحْمَةً }.

أي: ليُهْتَدَى [وَيُرْحَم] به قوم يصدقون به.

وهذه الآية مردودة على قوله:كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ } [الأعراف: 2].

قوله: { أَوْ نُرَدُّ } ، معطوف على [قوله]: { مِن شُفَعَآءَ } ، أي: أو هل نرد.

وقرأ ابن أبي إسحاق: " أو نُردَّ " ، بالنصب، على معنى: إلا أن نرد، كما قال:
.... أَوْ نَمُوتَ فَنُعْذَرَا   
وقوله: { فَنَعْمَلَ } ، جواب لقوله: { أَوْ نُرَدُّ } ، أو عطف عليه، على قراءة من نصب ( " نرد " ).

وقرأ الحسن: " أو نرد فَنَعْمَلُ " ، بالرفع فيهما، على (لفظ) العطف على " نُرَدُّ ". ورفع " نرد " على الاستفهام كما ذكرنا.

وقوله، { هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ }.

/ أي: إلا ما وعدوا به في القرآن من العذاب.

و { يَنظُرُونَ } ، بمعنى: ينتظرون.

قال قتادة: { تَأْوِيلَهُ } ، عاقبته.

وقال مجاهد: جزاءه.

{ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ } ، أي: جزاؤه، { يَقُولُ ٱلَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ } ، أي: تركوه في الدنيا، { قَدْ جَآءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلْحَقِّ }.

وقال ابن زيد: { تَأْوِيلُهُ } ، حقيقته، أي: حقيقة القرآن فيما أوعدهم من العقاب.

قال السدي: { ٱلَّذِينَ نَسُوهُ } ، تركوه في الدنيا، لما رأوا ما أوعدهم أنبياؤهم، استيقنوا بالهلاك، وطلبوا الشفعاء والرجعة إلى الدنيا.

{ قَدْ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ }.

أي: غَبَنوا أنفسهم حظوظها ببيعهم ما ذكر لهم من نعيم الآخرة الدائم بالخسيس من عرض الدنيا الزائل.

{ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ }.

أي: أولياؤهم في الدنيا.

وقال بعض أهل اللغة معناه: هل ينظرون إلى ما يؤول إليه أمرهم من البعث، وعلى هذا تأولوا قول الله:وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ ٱللَّهُ } [آل عمران: 7] أي: لا يعلم وقت البعث إلا الله، ثم قال تعالى: { وَٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ }.

و " النسيان " في هذا الموضع على معنيين:

- يجوز أن يكون معناه: فلما أعرضوا عنه صاروا بمنزلة من نسي الشيء.

- والثاني: أن يكون بمعنى الترك.