الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى ٱلأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْاْ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ أَن سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ }

قوله: { وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ [وَعَلَى ٱلأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ] } (الآية).

والمعنى: وبين الجنة والنار { حِجَابٌ } ، أي: حاجز، وهو السور الذي ذكره الله [عز وجل] فقال:فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ } [الحديد: 13]، وهو: الأعراف.

قال مجاهد: " الأَعْرَافُ " ، حجاب بين الجنة والنار.

قال السدي: الحجاب، وهو السور، وهو: الأعراف.

و " الأَعْرَافُ ": جمع، واحدها: عُرْف، وكل مرتفع من الأرض فهو: عُرْفٌ.

وقيل لعرف الديك: عرف لارتفاعه.

وقال السدي: إنما سمي " الأَعْرَافُ " أعرافاً؛ لأن أصحابه يعرفون الناس.

وقال ابن عباس: هو جسر بين الجنة والنار، عليه ناس من أهل الذنوب بين الجنة والنار.

وذكر الشعبي عن حذيفة: أن " أصحاب الأعراف " قوم تجاوزت بهم حسناتهم النار، [و] قصرت سيئاتهم عن الجنة، { وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَآءَ أَصْحَابِ ٱلنَّارِ / قَالُواْ رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } ، فبيناهم كذلك إذ اطلع عليهم ربك فقال (لهم): اذهبوا فادخلوا الجنة فإني قد غفرت لكم.

وروي عنه أنه قال: يوقفون هنالك على السور حتى يقضي الله بينهم.

وعن ابن عباس: " الأَعْرَاف " ، السور الذي بين الجنة والنار، و " الرجال ": قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم، فوقفوا على { ٱلأَعْرَافِ } ، يعرفون أهل الجنة بسيماهم، وأهل النار بسيماهم.

وعنه أنه قال أيضاً: " الأعراف " الشيء المشرف.

وعنه أنه قال: [هو] كعرف الديك.

وعنه أنه قال: هم رجال كانت لهم ذنوب عظام وكان حسم أمرهم لله، فوقفوا على السور.

وقال ابن مسعود: من كانت حسناته أكثر من سيئاته بواحدة دخل الجنة، ومن كانت سيئاته أكثر من حسناته بواحدة دخل النار. ومن استوت حسناته وسيئاته كان من " أصحاب الأعراف " فوقفوا على الصراط، ثم عرفوا أهل الجنة وأهل النار، فإذا نظروا إلى أهل الجنة نادوا: { سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ } ، وإذا صرفوا أبصارهم إلى يسارهم (رأوا) أصحاب النار،قَالُواْ رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } ، [الأعراف: 47]، فيتعوذون بالله من منازلهم، فأما أصحاب الحسنات، فإنهم يعطون نوراً فيمشون به بين أيديهم وبأيمانهم، ويعطي كل عبد يومئذ نوراً وكرامة. فإذا أتوا على الصراط سلب الله عز وجل، نور كل منافق ومنافقة. فلما رأى أهل الجنة ما لقي المنافِقون، قالوا:رَبَّنَآ أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا } [التحريم: 8]. وأما " أصحاب الأعراف " ، فإن النور كان في أيديهم فلم ينزع منهم، فلذلك قال: { لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ }.

وقال مجاهد، عن عبد الله بن الحارث: { أَصْحَابُ ٱلأَعْرَافِ } ، يؤمر بهم إلى نهر يقال له: " الحياة " ترابه: الوَرْس والزعفران، وحافتاه: قصب الذهب مكلل باللؤلؤ، وقال: فيغتسلون [فيه اغتسالة، وتبدو في نحورهم شامة بيضاء، ثم يعودون فيغتسلون]، فيزدادون.

السابقالتالي
2