الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ ٱلْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ ٱلسُّوۤءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } * { هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَماَّ تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّآ أَثْقَلَتْ دَّعَوَا ٱللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَّنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّاكِرِينَ } * { فَلَمَّآ آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَآءَ فِيمَآ آتَاهُمَا فَتَعَالَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ }

قوله: { قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ } ، إلى قوله: { عَمَّا يُشْرِكُونَ }.

والمعنى: قل يا محمد، لسائليك عن الساعة: { لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ } أن يملكنيه، بأن يُقوِّيني عليه، ويعينني، { وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ } ، أي: أعلم ما هو كائن { لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ ٱلْخَيْرِ } ، أي: من العمل الصالح.

وقال ابن جريج: { لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً } أي: هدى ولا ضلالة، { وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ } ، أي: متى أموت، لاستكثرت من العمل الصالح.

وقال مجاهد مثله.

وقال ابن عباس: { وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ } ، أي: أعلم السَّنَةَ الجَدْبَة من الخصبة، لاستكثرت من الرُّخْصِ.

وقيل: { [وَ]لَوْ كُنتُ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ } ، أي: مَا كَتَبَ الله.

وقيل: لو كنت أعلم ما تسرونه وما يقع بكم حتى تحذروا مكروهه أن تجيبوني إلى ما أدعوكم { لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ ٱلْخَيْرِ } ، أي: من إجابتكم إلى ما أدعوكم.

{ وَمَا مَسَّنِيَ ٱلسُّوۤءُ } ، منكم بتكذيب أو عداوة.

وقال الحسن { مِنَ ٱلْخَيْرِ }: من الوحي.

وقيل: / المعنى: لو كنت أعلم النصر في الحرب لقاتلت فلم أُغلب.

وقيل المعنى: لو كنت أعلم ما يريد الله مني من قبل أن يُعَرِّفَنِيه لفعلت. وهو اختيار النحاس.

{ وَمَا مَسَّنِيَ ٱلسُّوۤءُ } ، أي: الضر.

وقيل: { وَمَا [مَسَّنِيَ] } تكذيبكم وقولكم: مجنون.

ثم قال تعالى: { هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ }.

يعني: آدم، [عليه السلام].

{ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا }.

يعني: حواء خلقت من ضِلْعٍ من (أَضْلاَعِ) آدَمَ.

{ لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا }.

ليأوي إليها، لقضاء حاجته ولذته.

{ فَلَماَّ تَغَشَّاهَا }.

كناية عن الجِمَاعِ.

{ حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً }.

يعني: الماء الذي حملته حواء في رحمِها من آدم، عليهما السلام.

{ فَمَرَّتْ بِهِ }.

أي: استمرت به، قامت وقعدت، وأتمت الحَمْلَ.

وقيل: المعنى: { فَمَرَّتْ بِهِ } ، وجاءت لم يثقلها الحَمْلَ أولاً.

قال قتادة: { فَمَرَّتْ بِهِ } ، استبان حَمْلُها.

وقال مجاهد: [استمر] حَمْلُها.

وقيل معنى " فَمَرَّتْ بِهِ ": فشكَّت، أحملت أم لا؟ رُوِيَ ذلك عن ابن عباس، وقاله: يحيى بن يعمر.

ورُوي: أن البطن الذي ثقل عليها حمله، كان البطن التاسع، وكانت البطون التي قبله خفيفة عليها، فلما أثقلت بهذا البطن التاسع، مرَّ بِهَا إبليسُ فشكت إليه ثِقْل حملها، فقال لها، عدو الله، سَمِيّه: " عبد الحارث " يخف عليك. ففعلت.

قال أبو حاتم المعنى: فاستمر بها الحمل، فَقُلِبَ الكَلاَمُ. يقال: أدْخَلْتُ الخُفَّ رجلي.

{ فَلَمَّآ أَثْقَلَتْ }. أي: صار حَمْلُها الخَفِيفَ ثَقِيلاً. وقال السدي { أَثْقَلَتْ } ،: كبر الولد.

{ دَّعَوَا ٱللَّهَ رَبَّهُمَا }: يعني: آدم وحواء.

{ لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَّنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّاكِرِينَ }.

أي: غلاماً. قاله الحسن، ومعمر.

وقيل: إنهما أشفقا أن يكون الحمل غَيْرَ إِنْسَانٍ، فسألا أن يكون إنساناً.

قال ابن عباس: إنهما أشفقا أن يكون بَهِيمَةً.

السابقالتالي
2 3