الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱلَّذِي ۤ ءَاتَيْنَاهُ ءَايَاتِنَا فَٱنْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ ٱلشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ ٱلْغَاوِينَ } * { وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى ٱلأَرْضِ وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ ٱلْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَٱقْصُصِ ٱلْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }

قوله: { وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱلَّذِيۤ ءَاتَيْنَاهُ ءَايَاتِنَا فَٱنْسَلَخَ مِنْهَا } ، إلى قوله: { يَتَفَكَّرُونَ }.

والمعنى: { وَٱتْلُ } ، يا محمد، عليهم: { نَبَأَ ٱلَّذِيۤ ءَاتَيْنَاهُ ءَايَاتِنَا فَٱنْسَلَخَ مِنْهَا } ، وهو رجل من بني إسرائيل يقال له: بَلْعَم بن باعر، (أعطي: معرفة اسم الله [الأعظم].

وقيل: أُعْطِيَ النبوة.

قال ابن عباس: بُلْعَم بن بَاعُور.)

وقال ابن جبير: كان معه اسم الله، فسألوه أن يدعوَ على موسى وأصحابه ألا يدخل مدينتهم، فأبى، فخوفه الملك بالقتل والصلب والتحريق، فدعا، فاستجاب الله له، فلم يصل موسى، (عليه السلام)، إلى دخولها، ودعا موسى عليه أن ينسيه الله، (عز وجل)، اسمه الذي يدعو به، فأنساه الله، (عز وجل)، إياه، وَنَزَلَ فِيهِ مَا ذَكَرَهُ.

قال ابن عباس: كان من مدينة الجَبَّارِينَ.

وقيل عنه: كان من اليمن.

وقيل: هو أُمَيَّة بن أبي الصَّلْت الثقفي، كان قد قرأ الكتب، وعرف الوقت الذي يبعث فيه محمد (صلى الله عليه وسلم)، ويخبر الناس بذلك، فلما بعث، حسده وكفر به، وقال: والله ما كنت لأؤمن بنبيٍ من غير قومي ثقيف أبداً.

وقال عكرمة: هو من كان منافقاً من أهل الكِتَابَيْن.

قال الحسن: هو المنافق.

وقال الأنصار: هو الراهب الذي بني له مسجد الشِّقَاقِ.

قال ابن زيد: كان لا يسأل الله شيئاً إلا أعطاه.

قال ابن عباس: أعطي كتباً من كتب الله.

وقال مجاهد: أوتي النبوة، فَرَشَاهُ قومه على أن يَسْكُتَ، ففعل، وتركهم على ما هم عليه.

وكذلك قال المعتمر بن سليمان عن أبيه.

وهو قول مردود؛ لأن النُّبُوَّةَ لاَ يَكُونُ حَامِلُهَا قَابِلاً لِلْرِّشْوَةِ فِيهَا، يُعيذ اللهُ الأَنْبِيَاءَ مِنْ ذَلِكَ. وهذه كبيرة عظيمة، وكل الناس على أن الأَنْبِيَاءَ مَعْصُومُونَ مِنَ الكَبَائِرِ، فغير جائز هذا القول الذي رُوِيَ عن مجاهد، والمعتمر.

وروى سيار عن مالك [بن دينار، أنه قال]: بعث نبي الله موسى، (عليه السلام)، بَلْعَام، وكان مجاب الدعوة، إلى ملك مدْين يدعوه إلى الله، فأقطعه وأعطاه، فتبع دينه وترك دين موسى. ففيه نزلت هذه الآية: { وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱلَّذِيۤ ءَاتَيْنَاهُ ءَايَاتِنَا فَٱنْسَلَخَ مِنْهَا }.

وقال السدي: أعطي اسم الله الأعظم.

وروي ذلك عن ابن عباس.

قال ابن عباس: لما نزل موسى عليه السلام بالجبارين، سأل الجبارون بَلْعَم بن (باعُور) أن يدعو على موسى، فقال لهم: إني إن دعوت عليه ذهبت دنياي وآخرتي، فلم يزالوا به حتى دعا عليه، فسلخه الله مما كان عليه، فذلك قوله: { فَٱنْسَلَخَ مِنْهَا }.

وعن ابن عباس، { فَٱنْسَلَخَ مِنْهَا }: نُزِعَ منه العلم.

{ فَأَتْبَعَهُ ٱلشَّيْطَانُ }.

أي: أدركه. يقال: " أَتْبَعَه ": إذا أدركه. و: " تَبِعَه ": / إذا سار في إثره. هذا الجَيِّدُ.

وقيل: هما لغتان.

وقيل: معنى " أَتْبَعَه ": صَيَّره لنفسه تابعاً ينتهي إلى أمره في معصية الله سبحانه.

السابقالتالي
2 3