الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَماَّ نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا ٱلَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ ٱلسُوۤءِ وَأَخَذْنَا ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ } * { فَلَماَّ عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ } * { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ ٱلْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ }

قوله: { فَلَماَّ نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ } ، إلى قوله: { وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ }.

والمعنى: فلما تركت الطائفة التي نهيت عن السوء، ما أمرها الله (عز وجل) به من ترك الاعتداء.

وقيل: نسوا موعظة من وعظهم من المؤمنين، { أَنجَيْنَا ٱلَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ ٱلسُوۤءِ وَأَخَذْنَا ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ } ، أي: وجيع أليم. قاله ابن عباس.

وقيل: { بَئِيسٍ }: رديء.

وقال مجاهد { بِعَذَابٍ بَئِيسٍ }: أليم شديد.

وقال قتادة { بِعَذَابٍ بَئِيسٍ }: موجع.

وقال ابن زيد { بَئِيسٍ }: شديد.

قوله: { فَلَماَّ عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ }.

أي: تجاوزوا وتمردوا. و " العاتي ": المتمرد المتجاوز في الحق. { عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ } ، [أي]: عن اعتدائهم في السبت، { قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً } ، فصاروا قردة، { خَاسِئِينَ } ، [أي]: مبعدين. وذلك في زمن داود، (عليه السلام)، وهو قوله:لُعِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ } [المائدة: 78]، صاروا قردة كلهم، ومسخوا في زمن عيسى (عليه السلام)، خنازير، فذلك قوله:عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ٱبْنِ مَرْيَمَ } [المائدة: 78].

/ قال ابن عباس: صار شباب القوم قردة، وشيوخهم خنازير.

يقال: خَسَأْتُ الكلب: أبعدته وطردته.

وقوله: { قُلْنَا لَهُمْ (كُونُواْ) }.

جائز أن يكون أُمِرُوْا بذلك، فيكون أبلغ في الآية والقُدرة. وجائز أن يكون من قوله:إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَآ أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } [النحل: 40].

ثم قال تعالى: { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ }.

روى الأصبهاني عن أصحابه عن ورشٍ: (تأذَّنَ)، بتسهيل الهمزة.

والمعنى: واذكر، يا محمد، إذ أعْلَمَ رَبُّك.

فمعنى { تَأَذَّنَ }: أَعْلَمَ والعرب تقول: " تعلم " بمعنى " أعلم ".

وقال مجاهد { تَأَذَّنَ }: قال.

وقال قتادة { تَأَذَّنَ رَبُّكَ }: أمر ربك.

ومعنى: { لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ }.

أي: ليبعثن على اليهود { مَن يَسُومُهُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ } ، وهو قتلهم إن لم يؤدوا الجزية، وذلتهم إن ودوها.

قال ابن عباس: هي الجزية، والذين يسومونهم: محمد، صلى الله عليه وسلم، وأمته، إلى يوم القيامة.

قال ابن المُسَيَّب: يستحب أن يبعث الأنباط في الجزية.

{ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ ٱلْعِقَابِ }.

أي: لمن استوجب منهم العقوبة.

{ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ }.

أي: لساتر ذنوب من تاب، متعطف عليه.