الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَسْئَلْهُمْ عَنِ ٱلْقَرْيَةِ ٱلَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ ٱلْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي ٱلسَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ } * { وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً ٱللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ }

قوله: { وَسْئَلْهُمْ عَنِ ٱلْقَرْيَةِ (ٱلَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ ٱلْبَحْرِ) } ، إلى قوله: { لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ }.

قوله: { إِذْ يَعْدُونَ }.

{ إِذْ }: في موضع نصب بالسؤال، أي: واسألهم عن وقت عدوانهم.

{ وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ }.

أضيف الظرف عند سيبويه لكثرة الاستعمال.

وهو عند المبرد مضاف إلى المصدر محمول على المعنى.

وهو عند الزجاج على الحكاية.

والعامل في الظرف الفعل الذي بعده.

ومعنى الآية: واسأل، يا محمد، هؤلاء اليهود الذين يجاورونك، عن أَمْرِ { ٱلْقَرْيَةِ ٱلَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ ٱلْبَحْرِ }.

أي: بقربه / وشاطئه.

قال الكلبي: ذكر لنا أنهم كانوا في زمن داود، (عليه السلام)، وهي: أَيْلَةَ، وهو مكان كان تجتمع فيه الحيتان في شهر من السنة كهيئة العيد، يأتيهم منها حتى لا يرى الماء، وتأتيهم في غير ذلك من الشهور في كل سبت كما تأتيهم في ذلك الشهر، فلا يمسوا منها شيئاً. فعمد رجالٌ من سفهاء تلك القرية، فأخذوا الحيتان ليلة السبت ويوم السبت، فملحوا وباعوا، ولم ينزل بهم عقوبة، فاستبشروا، وقالوا: إنا نرى السبت قد حُلَّ، وذهبت حرمته، إنما كان يعاقب به آباؤنا، فعملوا ذلك سنين، حتى أثرَوْا وتزوجوا النساء، واتخذوا الأموال. فمشى إليهم طوائف صالحون فوعظوهم، وقالوا: يا قوم، انتهكتم حرمة سبتكم، ووعظوهم فلم يتعظوا.

وسؤاله، (صلى الله عليه وسلم)، إياهم إنما كان على جهة التقرير لهم والتبكيت، ويذكرهم بقديم كفرهم وفسقهم، وقد كان الله (عز وجل)، أعلمه بأمر القرية.

قال ابن عباس، وعكرمة هي: " أيلة " ، وكان ذلك في زمن داود (عليه السلام)، وكذلك قال السدي، وغيره.

وقال قتادة: هي ساحل مَدْيَنَ.

[قال ابن زيد: هي قرية] يقال لها " مَقْنا " ، بين مدين وعَيْنُوناً.

وقال ابن شهاب: هي: طَبَرِيةَّ.

وعن ابن عباس أيضاً: أنها مَدْيَنَ.

وأما قوله:وَٱضْرِبْ لَهُمْ مَّثَلاً أَصْحَابَ ٱلقَرْيَةِ } [يس: 13]، فأكثرهم على أنها أنطاكية.

ومعنى: { إِذْ يَعْدُونَ [فِي ٱلسَّبْتِ] }.

أي: [إذ] يعتدون إلى ما حرم الله، (عز وجل).

[و " العُدْوَانُ ": التجاوز إلى ما حرم الله].

وكان الله، تعالى ذكره، قد حرم عليهم السبت، فكانت الحيتان تقل في سائر الأيام، وتكثر في يوم السبت. ابتلاهم الله، (تعالى)، بذلك فاصطادوا فيه وتركوا ما حرم الله عليهم، فتجاوزوا الحق، فكانت تأتيهم يوم سبتهم، { شُرَّعاً } ، أي: ظاهرة على الماء.

وقال ابن عباس { شُرَّعاً }: من كل مكانٍ.

يقال: سَبَتَ يَسْبِتُ: إذا استراح.

وقرأ الحسن: " ويَوْمَ لاَ يُسْبِتُونَ " ، بضم الياء، من: " أَسْبَتَ القَوْمُ " ، إذا دخلوا في السبت.

ورُوِي ذلك عن أبي بكر عن عاصم، كما يقال: " أهلَلْنَا " ، دخلنا في الهلال، و " أَجْمَعْنا " مرت بنا جمعة.

السابقالتالي
2 3