الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَجَاوَزْنَا بِبَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ ٱلْبَحْرَ فَأَتَوْاْ عَلَىٰ قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَىٰ أَصْنَامٍ لَّهُمْ قَالُواْ يٰمُوسَىٰ ٱجْعَلْ لَّنَآ إِلَـٰهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ } * { إِنَّ هَـٰؤُلاۤءِ مُتَبَّرٌ مَّا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { قَالَ أَغَيْرَ ٱللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَـٰهاً وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى ٱلْعَالَمِينَ } * { وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِّنْ آلِ فِرْعَونَ يَسُومُونَكُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ وَفِي ذٰلِكُمْ بَلاۤءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ }

قوله: { وَجَاوَزْنَا بِبَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ ٱلْبَحْرَ } ، إلى قوله: { (بَلاۤءٌ) مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ }.

والمعنى: وقطعنا ببني إسرائيل البحر بعدما رَأَوا من الآيات والعِبر فلم يَتَّعِظوا بذلك ويزدجروا، حتى قالوا، إذ مَرُّوا بقوم مقيمين على أصنام لهم يعبدونها: { يٰمُوسَىٰ ٱجْعَلْ لَّنَآ إِلَـٰهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ }.

و: { يَعْكُفُونَ }. يقيمون ويواظبون ويلازمون. والضم والكسر في " الكاف " لغتان.

فقال لهم موسى: (عليه السلام): { إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ }.

أي: تجهلون نعمة الله (عز وجل)، عليكم وحقه، وتجهلون أنه لا تجوز العبادة إلا لله، (سبحانه).

قال ابن جريج { عَلَىٰ أَصْنَامٍ لَّهُمْ } ، تماثيل بقر. ومن أجل ذلك شبه عليهم السامري بالعجل.

يريد أنه من تلك البقر التي رأيتموها تعبد. فعبدوه أربعين يوماً.

وهؤلاء القوم الذين مروا بهم عاكفون على عبادة الأصنام، قيل: هم من لخَمْ. قاله قتادة.

وقيل: بل كانوا من الكنعانيين الذين أمر موسى (عليه السلام)، بقتالهم.

قوله: { إِنَّ هَـٰؤُلاۤءِ مُتَبَّرٌ مَّا هُمْ فِيهِ (وَبَاطِلٌ) }.

هذا خبر من الله (عز وجل)، عن قول موسى (عليه السلام)، لقومه.

و { مُتَبَّرٌ }: مُهْلَكٌ، وباطل عملهم.

وقال ابن عباس { مُتَبَّرٌ }: خُسْران.

ومعنى { مُتَبَّرٌ } ، عند أهل اللغة: مُهْلَكٌ ومُدَمَّر.

ثم قال لهم موسى: { أَغَيْرَ ٱللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَـٰهاً }.

أي: أسوى الله أطلب لكم مَعْبُوداً، { وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى ٱلْعَالَمِينَ } ، أي: عالم عصركم.

ثم قال تعالى مخاطباً اليهود الذين بين ظَهْرَانَي النبي، يقرعهم بما فعل بآبائهم: { وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِّنْ آلِ فِرْعَونَ } ، أي: واذكروا مع ما قلتم لموسى، (عليه السلام)، بعدما رأيتم من الآيات والعبر، { وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِّنْ آلِ فِرْعَونَ يَسُومُونَكُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ } ، أي: يحملونكم على أقبح العذاب.

وقيل معناه: يولونكم.

ثم بينه ما هو، فقال: { يُقَتِّلُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ وَفِي ذٰلِكُمْ بَلاۤءٌ مِّن رَّبِّكُمْ [عَظِيمٌ] } ، (أي): اختبار من الله لكم.

وقيل معناه: نعمة عظيمة، يعني: في إنجائه لهم.

فـ: " البَلاَء " ها هنا يصلح أن يكون النِّعْمَة على إنجائهم. ويصلح أن يكون الاختبار فيما تولى منهم فرعون.