الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ } * { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلطُّوفَانَ وَٱلْجَرَادَ وَٱلْقُمَّلَ وَٱلضَّفَادِعَ وَٱلدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ فَٱسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ }

قوله: { قَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ } ، إلى: { مُّجْرِمِينَ }.

{ مَهْمَا } عند الخليل: أصلها " ما " للشرط، زيدت عليها " مَا " للتوكيد، وأبدل من ألف " مَا " الأولى " هاء ".

وقال غيره: الأصل: " مَهْ " بمعنى: اكفُفْ، و " مَا " للشرط بعد ذلك.

وحكى الكوفيون: " مهما " بمعنى: " مهما ".

والمعنى: وقال (آل) فرعون لموسى: ما { تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا } ، فنؤمن (ربك)، وندع دين فرعون، { فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ }.

قال الله تعالى: { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلطُّوفَانَ وَٱلْجَرَادَ وَٱلْقُمَّلَ وَٱلضَّفَادِعَ وَٱلدَّمَ }.

" فالطوفان ": الماء. قاله الضحاك، / وأبو مالك.

قال ابن عباس: هو الغرق.

قال مجاهد: هو الموت.

قال قتادة: سال عليهم [الماء] حتى قاموا [فيه قياماً]، فسألوا موسى، (عليه السلام)، أن يسأل الله (عز وجل)، ليكشف عنهم ففعل.

قال الضحاك: جاءهم من المطر شيء كثير، فسألوا موسى (عليه السلام)، أن يدعو الله (عز وجل) ليكشفه عنهم، ويرسلوا معه بني إسرائيل، فدعا الله، فكشف عنهم وأخصبت البلاد، فعادوا، ولم يرسلوا معه بني إسرائيل، فصب الله على زُرُوعهم الجراد فأكله، فسألوا موسى فدعا، فكشف عنهم. ثم عادوا إلى كفرهم.

وروت عائشة عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال " { ٱلطُّوفَانَ }: الموت ".

وعن ابن عباس قال: هو أَمْرٌ من (أمر) الله (عز وجل)، طاف (بهم)، وقرأ:فَطَافَ عَلَيْهَا طَآئِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَآئِمُونَ } [القلم: 19].

و: { ٱلطُّوفَانَ }: مصدر كالنقصان، لا يجمع.

وقال الأخفش: هو جمع، واحدة: طوفانة.

وقوله: { وَٱلْجَرَادَ وَٱلْقُمَّلَ }.

أرسل عليهم الجراد والقمل، وهو: الدَّبَى، فأكل زرعهم وثمارهم. ثم أكل الشجر والأبواب وسقوف البيوت. وابتلي الجراد بالجوع، فجعل لا يشبع.

قال ابن وهب: سمعت مالكاً يقول: إن ذلك " الجراد " ، كان يأكل المسامير، فَعَجُّوا إلى موسى، (عليه السلام)، وصاحوا وقالوا: يا موسى، هذه المرة!

فـ:ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا ٱلرِّجْزَ } [الأعراف:134]، وهو العذاب،لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ } [الأعراف: 134]، فدعا لهم، فكشف عنهم بعدما أقام سبعة أيام، فأقاموا شهراً، ثم عادوا لتكذيبه، ولأعمالهم السيئة.

وقيل: { ٱلْقُمَّلَ }: السوس الذي يخرج من الحِنْطَة. قاله ابن عباس، وابن جبير.

وقال السدي، وعكرمة، وغيرهما: هو الدَّبَى الذي لا جناح له.

وقال ابن زيد: هي البراغيث.

وقال الحسن: هي دَوابٌ صِغَارٌ سَودٌ.

وقال أبو عبيدة: { ٱلْقُمَّلَ }: الحَمْنَانُ، وهو ضرب من القِرَاد، واحدتها: حَمْنَانَةٌ.

و { ٱلْقُمَّلَ }: جمع واحدته: " قَمْلَةٌ ".

قال سعيد بن جبير: لما أتى موسى (عليه السلام)، فرعون، قال له: أرسل معي بني إسرائيل! فأبى عليه فأرسل الله (عز وجل)، عليهم مطراً خافوا أن يكون عقاباً، فقالوا (لموسى): ادع لنا ربك يكشف عنا المطر، فنؤمن بك، ونرسل معك بني إسرائيل! فدعا ربه (عز وجل)؛ فكشف عنهم، فلم يؤمنوا، ولا أرسلوا معه بني إسرائيل، فأنبت لهم ذلك المطر تلك السنة شيئاً لم ينبت لهم قبل ذلك من الزرع والثمر والكلإ.

السابقالتالي
2 3