الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلْحَاقَّةُ } * { مَا ٱلْحَآقَّةُ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْحَاقَّةُ } * { كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِٱلْقَارِعَةِ } * { فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُواْ بِٱلطَّاغِيَةِ } * { وَأَمَا عَادٌ فَأُهْلِكُواْ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ } * { سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى ٱلْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ } * { فَهَلْ تَرَىٰ لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ } * { وَجَآءَ فِرْعَوْنُ وَمَن قَبْلَهُ وَٱلْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ } * { فَعَصَوْاْ رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَّابِيَةً } * { إِنَّا لَمَّا طَغَا ٱلْمَآءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي ٱلْجَارِيَةِ }

قوله تعالى: { ٱلْحَاقَّةُ * مَا ٱلْحَآقَّةُ } إلى قوله: { فِي ٱلْجَارِيَةِ }.

كأن الأصل: الحاقة، ما هي؟ لتقدم ذكرها، إلا أن إعادة الاسم بلفظه أفخم إذا لم يُشْكِل المعنى.

و " الحاقة " ابتداء، و " ما " ابتداء ثان، و " الحاقة ": خبر " ما " ، و " ما " وخبرها خبر عن " الحاقة " الأولى، ومثله: { ٱلْقَارِعَةُ * مَا ٱلْقَارِعَةُ }. ومعنى الكلام أنه على التعظيم، والتقدير: الساعة الحاقة: أي شيء هي!، أي: ما أعظمها وأجلها وأشدها.

ومعنى الحاقة: التي تحق فيها الأمور ويجب فيها الجزاء على الأعمال.

قال ابن عباس: " الحاقة اسم من أسماء القيامة، عظمه الله وحذره عباده ".

وقال قتادة: الحاقة: القيامة حقت لكل عامل ما عمله.

- ثم قال تعالى: { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْحَاقَّةُ }.

أي: وأي شيء يدريك ويعرفك أي شيء الحاقة؟! [وهذا] كله تعظيم ليوم القيامة.

- ثم قال تعالى: { كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِٱلْقَارِعَةِ }.

أي: كذبت ثمود قوم صالح، وعاد قوم هود بالساعة التي تقرع قلوب العباد بهجومها عليهم.

قال ابن عباس: { بِٱلْقَارِعَةِ }: بيوم القيامة.

وقال قتادة: بالساعة.

- ثم قال تعالى: { فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُواْ بِٱلطَّاغِيَةِ }.

أي: بطغيانهم وكفرهم بالله وباليوم الآخر.

قال مجاهد: { بِٱلطَّاغِيَةِ } بالذنوب.

قال ابن زيد: { بِٱلطَّاغِيَةِ } بطغيانهم، واستدل على ذلك بقوله:كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَآ } [الشمس: 11] بالصيحة، كأنها صيحة تجاوزت مقادير الصياح فطغت عليهم. وهو اختيار الطبري؛ لأن الله إنما أخبر عن ثمود بالمعنى الذي أهلكوا به لا الذي أهلكوا من أجله (ودليل ذلك / إخباره تعالى عن عاد بالمعنى الذي أهلكوا به وهو الريح ولم يخبر بالذي هلكوا من أجله).

وقيل: المعنى: بالفئة الطاغية.

(وقيل): بالفعلة الطاغية.

وقيل: بالجماعة الطاغية.

وقيل: المعنى: بالأخذة الطاغية. وسميت الآخذة طاغية لأنها جاوزت القدر في الشدّة. فالمعنى: فأهلكوا بالأخذة التي جاوزت القدر [فطغت عليهم]. دليله: قوله في عاد: { بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ } ، فذكر الشيء [الذي] أهلكوا به، فكذلك الأول.

وإنما ذكر الشيء الذي أهلكوا به لا الذي أهلكوا من أجله، فإنما وصف العذاب الذي أُهْلِكَ به الطائفتان، فهو ظاهر اللفظ وكُلٌّ قَدْ قِيل.

- وقوله: { عَاتِيَةٍ }.

ليس (هو) من العتو الذي هو العصيان، إنما هو من العتو الذي هو بلوغ الشيء وانتهاؤه في قوته وقدره، من قولهم: عتا: إذا بلغ منتهاه، ومنه قوله:وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ ٱلْكِبَرِ عِتِيّاً } [مريم: 8].

ثم قال تعالى: { وَأَمَا عَادٌ فَأُهْلِكُواْ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ }.

أي: بريح شديدة العصوف مع شدة بردها.

قال ابن عباس: { عَاتِيَةٍ }: أي: " مهلكة باردة عنت عليهم بغير رحمة ولا بركة (دائمة) لا تفتر ".

السابقالتالي
2 3