الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { قَدْ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَٱللَّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ } * { وَإِذْ أَسَرَّ ٱلنَّبِيُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ ٱللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَـٰذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْخَبِيرُ } * { إِن تَتُوبَآ إِلَى ٱللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ } * { عَسَىٰ رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً }

- قوله تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ (مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ)... } ، إلى قوله: { ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً }.

نزلت هذه الآية في سبب مارية القبطية أم ولده إبراهيم، سَرِيَّةِ النبي صلى الله عليه وسلم، كان النبي قد أصابها في بيت حفصة في يومها، فغارت لذلك حفصة فحرمها النبي على نفسه بيمين أنه لا يقربها طلباً لرضاء حفصة، فعوتب النبي صلى الله عليه وسلم ونُبه على أن ليمينه مخرجاً.

قال زيد بن أسلم: " أَصَابَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أُمَّ إِبْرَاهِيمَ فِي بَيْتِ بَعْضِ نِسَائِهِ. فَقَالَتْ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، فِي بَيْتِي وَعَلَى فِرَاشِي! فَجَعَلَهَا عَلَيْهِ حَرَاماً. فقالت: يا رسول الله، كَيْفَ تُحَرِّمُ عليك الحلالَ؟! فَحَلَفَ لها بالله لاَ يُصِيبُهَا، فأنزلَ الله: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ... } الآية ".

قال زيد بن أسلم: " قال لها: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، وَاللهِ لاَ أَطَؤُكِ " قال الشعبي: حرمها وحلف ألا يقربها فعوتب [في] التحريم، وجاءت الكفارة في اليمين.

قال الضحاك: كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتاة فغشيها، فبصرت [به] حفصة، وكان اليوم يوم عائشة [وكانتا] مُتَعَاوِنَتَيْنِ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحفصة: اكْتُمِي عَلَيَّ وَلاَ تَذْكُرِي لعائشة ما رأيتِ، فَذَكَرَتْ حفصةُ لِعائشةَ الخَبَرَ، فغضبت عائشة، فلم يَزَلْ نَبِيُّ اللهِ حتى حلف لاَ يَقْرَبُها، فأنزل الله الآية، وأمره بكفارة يمينه.

قال ابن عباس: " أمر الله النبي والمؤمنين إذا حرموا شيئاً على أنفسهم مما أحل الله لهم أن يكفروا بإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، ولا يدخل في ذلك طلاق " ، فإنما حرم النبي صلى الله عليه وسلم على نفسه جاريته ولم يحلف. وروى عبيد بن عمير عن عائشة أنها قالت: " كان النبي صلى الله عليه وسلم يمكث عند زينب بنت جحش [يشرب] عندها عسلا، فتواصيت أنا وحفصة أينا جاءها النبي [فلتقل] له إني أجد منك ريح مغافير، فجاء إلى إحداهما فقالت له ذلك، فقال: بل شربت عسلا، ولن [أعود]، فأنزل الله: { لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ } وأنزل { إِن تَتُوبَآ إِلَى ٱللَّهِ } يعني عائشة وحفصة ".

ويروى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أصاب جاريته مارية في بيت عائشة وهي غائبة وفي يومها، فاطلعت على ذلك حفصة، فقال لها النبي: لا تخبري عائشة بذلك، فأخبرتها، فغضبت عائشة وقالت: في بيتي وفي يومي! فأرضاها النبي صلى الله عليه وسلم بأن حلف لها ألا يطأها بعد ذلك وحرمها على نفسه، فأنزل الله السورة في ذلك.

- ثم قال تعالى: { قَدْ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَٱللَّهُ مَوْلاَكُمْ... }.

أي: قد بين الله لكم تَحِلَّةَ أَيْمَانكم وَحَدَّهَا (لكم)، { وَٱللَّهُ مَوْلاَكُمْ } أي: يتولاكم بنصره وهدايته - أيها المؤمنون - وهو العليم بمصالحكم، الحكيم في تدبيره خلقه.

السابقالتالي
2 3