الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قُوۤاْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَّ يَعْصُونَ ٱللَّهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَعْتَذِرُواْ ٱلْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ تُوبُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ يَوْمَ لاَ يُخْزِى ٱللَّهُ ٱلنَّبِيَّ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَٱغْفِرْ لَنَآ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ جَاهِدِ ٱلْكُفَّارَ وَٱلْمُنَافِقِينَ وَٱغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } * { ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱمْرَأَتَ نُوحٍ وَٱمْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ٱدْخُلاَ ٱلنَّارَ مَعَ ٱلدَّاخِلِينَ } * { وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ ٱمْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ٱبْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي ٱلْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَمَرْيَمَ ٱبْنَتَ عِمْرَانَ ٱلَّتِيۤ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ ٱلْقَانِتِينَ }

- قوله تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قُوۤاْ أَنفُسَكُمْ (وَأَهْلِيكُمْ)... }. إلى آخر الآية.

(أي): يا أيها الذين آمنوا اعملوا عملاً [صالحاً] تقون به أنفسكم من النار، ولْيُعَلِّمَ [بَعْضُكُمْ] بَعْضَاً ما تقون به من تُعَلِّمُونَهُ من النار، وعَلِّمُوا أهليكم من العمل ما يقون به أنفسهم من النار.

قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - في [قوله]: { قُوۤاْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً } أي: علموهم وأدبوهم.

قال ابن عباس: معناه: " اعملوا بطاعة الله، واتقوا معاصيه، ومُرُوا أهليكم بالذكر / ينجيكم الله من النار ".

وقال مجاهد: " واتقوا الله، وأوصوا أهليكم بتقوى الله ".

وقال قتادة: مروهم بطاعة الله، وانهوهم عن [معصيته].

وقيل: المعنى: لا تعصوا فيعصي أهلوكم.

وفي الحديث: " لا تزن [فيزني] أهلك ".

وقوله: { وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلْحِجَارَةُ... }.

أي: حطبها بنو آدم وحجارة الكبريت.

{ عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ... }.

(أي): على هذه النار ملائكة غلاظ على أهل النار، شِدَادٌ عليهم.

وقيل: { شِدَادٌ } بمعنى: أقوياء.

{ لاَّ يَعْصُونَ ٱللَّهَ مَآ أَمَرَهُمْ... }.

أي: لا يخالفون الله فيما أمرهم به من عذاب الكفار وغيره.

{ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }.

أي: ينتهون إلى ما أمرهم الله به.

- ثم قال تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَعْتَذِرُواْ ٱلْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }.

(أي): يا أيها الذين جحدوا وحدانية الله، لا تعتذروا عن كفركم يوم القيامة بما لا ينفعكم، إنما تثابون جزاءً على أعمالكم.

ثم قال تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ تُوبُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً... }.

أي: يا أيها الذين صدقوا الله، ارجعوا من ذنوبكم إلى طاعة الله وإلى ما يرضيه عنكم رِجْعَةً نَصُوحاً، أي: لا تعودون معها أبداً.

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: التوبة النصوح أن يتوب الرجل من العمل السيء ثم لا يعود فيه أبداً ولا يريد أن يعود فيه. وهو قول الضحاك. وقاله ابن مسعود.

وقال قتادة: التوبة النصوح " هي الصادقة الناصحة ".

ومن ضم النون، فيجوز أن يكون جمع نُصْحٍ. ويجوز أن يكون مصدراً، كرجل عدل، (أي): صاحب عدالة.

وقال ابن زيد: النصوح: الصادقة، ويعلم أنها صدق بندامته على خطيئته وحب الرجوع إلى طاعة الله.

- (ثم قال تعالى: { عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ... }.

أي: يمحوها عنكم.

و " عسى " من الله) واجبة.

{ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ يَوْمَ لاَ يُخْزِى ٱللَّهُ ٱلنَّبِيَّ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ (مَعَهُ)... }.

أي: ويدخلكم بساتين تجري من تحت أشجارها الأنهار في يوم [لا يخزي] الله فيه النبي، أي: لا يبعده من إِفْضَالِهِ وإِنْعَامِهِ، ولا يُبْعِدُ الذين آمنوا معه من ذلك.

- ثم قال: { نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ.

السابقالتالي
2 3