- قوله تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قُوۤاْ أَنفُسَكُمْ (وَأَهْلِيكُمْ)... }. إلى آخر الآية. (أي): يا أيها الذين آمنوا اعملوا عملاً [صالحاً] تقون به أنفسكم من النار، ولْيُعَلِّمَ [بَعْضُكُمْ] بَعْضَاً ما تقون به من تُعَلِّمُونَهُ من النار، وعَلِّمُوا أهليكم من العمل ما يقون به أنفسهم من النار. قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - في [قوله]: { قُوۤاْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً } أي: علموهم وأدبوهم. قال ابن عباس: معناه: " اعملوا بطاعة الله، واتقوا معاصيه، ومُرُوا أهليكم بالذكر / ينجيكم الله من النار ". وقال مجاهد: " واتقوا الله، وأوصوا أهليكم بتقوى الله ". وقال قتادة: مروهم بطاعة الله، وانهوهم عن [معصيته]. وقيل: المعنى: لا تعصوا فيعصي أهلوكم. وفي الحديث: " لا تزن [فيزني] أهلك ". وقوله: { وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلْحِجَارَةُ... }. أي: حطبها بنو آدم وحجارة الكبريت. { عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ... }. (أي): على هذه النار ملائكة غلاظ على أهل النار، شِدَادٌ عليهم. وقيل: { شِدَادٌ } بمعنى: أقوياء. { لاَّ يَعْصُونَ ٱللَّهَ مَآ أَمَرَهُمْ... }. أي: لا يخالفون الله فيما أمرهم به من عذاب الكفار وغيره. { وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }. أي: ينتهون إلى ما أمرهم الله به. - ثم قال تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَعْتَذِرُواْ ٱلْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }. (أي): يا أيها الذين جحدوا وحدانية الله، لا تعتذروا عن كفركم يوم القيامة بما لا ينفعكم، إنما تثابون جزاءً على أعمالكم. ثم قال تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ تُوبُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً... }. أي: يا أيها الذين صدقوا الله، ارجعوا من ذنوبكم إلى طاعة الله وإلى ما يرضيه عنكم رِجْعَةً نَصُوحاً، أي: لا تعودون معها أبداً. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: التوبة النصوح أن يتوب الرجل من العمل السيء ثم لا يعود فيه أبداً ولا يريد أن يعود فيه. وهو قول الضحاك. وقاله ابن مسعود. وقال قتادة: التوبة النصوح " هي الصادقة الناصحة ". ومن ضم النون، فيجوز أن يكون جمع نُصْحٍ. ويجوز أن يكون مصدراً، كرجل عدل، (أي): صاحب عدالة. وقال ابن زيد: النصوح: الصادقة، ويعلم أنها صدق بندامته على خطيئته وحب الرجوع إلى طاعة الله. - (ثم قال تعالى: { عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ... }. أي: يمحوها عنكم. و " عسى " من الله) واجبة. { وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ يَوْمَ لاَ يُخْزِى ٱللَّهُ ٱلنَّبِيَّ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ (مَعَهُ)... }. أي: ويدخلكم بساتين تجري من تحت أشجارها الأنهار في يوم [لا يخزي] الله فيه النبي، أي: لا يبعده من إِفْضَالِهِ وإِنْعَامِهِ، ولا يُبْعِدُ الذين آمنوا معه من ذلك. - ثم قال: { نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ.