الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُواْ ذَوَىْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُواْ ٱلشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً } * { وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ ٱللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً } * { وَٱللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ ٱلْمَحِيضِ مِن نِّسَآئِكُمْ إِنِ ٱرْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ وَٱللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلاَتُ ٱلأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً }

قوله تعالى: { فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ } إلى قوله: { مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً }.

أي: فإذا بلغ المطلقات اللواتي في العدة آخر عدتهن، فأمسكوهن برجعة ترجعونهن إن أردتم ذلك.

ومعنى: { بِمَعْرُوفٍ } أي: راجعوهن بمعروف، وذلك إعطاؤها الحقوق التي أوجب الله لها عليهم من النفقة والكسوة والسكنى وحسن الصحبة.

- { أَوْ فَارِقُوهُنَّ... }.

أي: اتركوهن حتى تنقضي عدتهن فيملكن أنفسهن.

ومعنى { بِمَعْرُوفٍ... }.

(أي) ": [بإيفائها ما لها] من بقية الصداق والمتعة. قال الضحاك: { فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ }: إذا انقضت عدتها قبل أن تغتسل من الحيضة الثالثة، أو ثلاثة أشهر، إن لم يكن يحضن، فراجع إن شئت قبل أن تنقضي العدة ([وأمسكها] بمعروف، أي: بحسن الصحبة والقيام عليها { أَوْ فَارِقُوهُنَّ } أي: دعوهن حتى تنقضي العدة) بالطهر الثالث أو تمام الثلاثة أشهر { بِمَعْرُوفٍ } (أن) يعطيها مهرها إن كان لها.

- ثم قال تعالى: { وَأَشْهِدُواْ ذَوَىْ عَدْلٍ مِّنكُمْ... }.

أي: أشهدوا - إذا راجعتموهن - ذوي عدل. وهما من يُرضى دينه وأمانته.

قال ابن عباس: يشهد عدلين عند الطلاق وعند المراجعة، وقاله السدي.

والإشهاد عند [أكثر] الفقهاء على الندب، وكذلك أكثر ما جاء في القرآن من الأمر بالإشهاد.

قال ابن المسيب: { [ذَوَىْ] عَدْلٍ }: [ذوي] عقل وفهم.

- ثم قال: { وَأَقِيمُواْ ٱلشَّهَادَةَ لِلَّهِ... }.

أي: اشهدوا بالحق.

وإذا جامع أو [قَبَّل] يريد به الرجعة فهو رجعة عند مالك. وكذلك إن [تكلم] بالرجعة ونِيَّتُه الرجعة فهي رجعة.

- ثم قال تعالى: { ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ... }.

أي: هذا (الذي) عرفتكم به من أمر الطلاق عظة لمن يؤمن بالله واليوم الآخر فيتبعه ويعمل به.

- ثم قال تعالى: { وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً }.

أي: ومن يخف الله فيعمل بما أمره به ويجتنب ما نهاه عنه يجعل له من أمره مخرجاً، وذلك أنه [يُعَرِّفُهُ] أن ما قضاه عليه فلا بد أن يكون.

وقيل: المعنى: ومن يتق الله فيما أمره به (من هذا الطلاق، يجعل له مخرجاً إن ابتغت نفسه رد المطلقة بعد انقضاء العدة فيحل له أن يخطبها ويتزوجها. ومن لم يتق الله فيما أمره به) ويطلق ثلاثاً، لا يجعل له مخرجاً إن ابتغتها نفسه، فلا يحل له أن يخطبها، ولا يتزوجها إلا بعد زوج، هذا قول علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - والشعبي.

وقيل: هو على العموم، (أي: و) من يتق الله في أمره ونهيه يجعل له مخرجاً في كل أموره فيرزقه من حيث لا يحتسب، / (أي): [ويسبب] له أسباب الرزق من حيث لا يشعر ولا يعلم.

وعن ابن عباس: { يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً }: ينجيه (من كل كرب) في الدنيا والآخرة.

السابقالتالي
2 3