الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا جَآءَكُمُ ٱلْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَٱمْتَحِنُوهُنَّ ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى ٱلْكُفَّارِ لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُم مَّآ أَنفَقُواْ وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَآ آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلاَ تُمْسِكُواْ بِعِصَمِ ٱلْكَوَافِرِ وَاسْأَلُواْ مَآ أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُواْ مَآ أَنفَقُواْ ذَلِكُمْ حُكْمُ ٱللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }

قال: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا جَآءَكُمُ ٱلْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ } (من دار الحرب) { فَٱمْتَحِنُوهُنَّ ٱللَّهُ }.

أي: إذا جاءكم النساء مهاجرات من دار الحرب فامتحنوهن، وكانت محنة النبي صلى الله عليه وسلم لهن أن يحلفن بالله ما خرجت من بغض زوج، وبالله ما خرجت رغبة عن أرض إلى أرض، وبالله ما خرجت التماس الدنيا، وبالله ما خرجت (إلا حباً لله ولرسوله). /

وعن عائشة رضي الله عنها " أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان يمتحنهن بآخر السورة.

قوله: { عَلَىٰ أَن لاَّ يُشْرِكْنَ بِٱللَّهِ شَيْئاً } إلى قوله: { مَعْرُوفٍ } ".

قالت: فمن أقر بهذا من المؤمنات فقد أقر بالمحنة، وإذا أقررن بذلك قال لهن النبي صلى الله عليه وسلم إنطلقن فقد بايعتكن، قالت ولا والله ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط غير أنه يبايعهن بالكلام، قالت فما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على النساء إلا ما أمره الله به.

وعن ابن عباس: أن المحنة كانت أن يشهدن أن لا إله إلا الله وأن محمداً (رسول الله).

وقال مجاهد: { فَٱمْتَحِنُوهُنَّ } أي: سلوهن ما جاء بهن، فإن كان جاء بهن غضب على أزواجهن [أو سخط أو غيره، ولم يؤمن، فارجعوهن إلى أزواجهن].

قال قتادة: كانت محنتهن أن يستحلفن بالله ما أخرجهن النشوز وما أخرجهن إلا حب الإسلام (وأهله والحرص عليه)، فإن أقررن بذلك قبِل منهن.

وقال عكرمة: يقال لها ما جاء بك إلا حب الله ورسوله، وما جاء بك عشق رجل منا، ولا فرار من زوجك، فذلك المحنة.

وروى ابن وهب عن رجاله أن قوله: " إِذا جاءَكُمُ المُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ".

نزلت في امرأة حسان بن الدحداحة وهي أميمة بنت بشر امرأة من بني عمرو ابن عوف، وأن سهل بن حنيف تزوجها حين فرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فولدت له عبد الله بن سهل، وأن قوله تعالى: { وَلاَ تُمْسِكُواْ بِعِصَمِ ٱلْكَوَافِرِ } نزل في امرأة لعمر بن الخطاب تركها بمكة كافرة ولم يطلقها حتى نزلت هذه الآية فطلقها عمر فخلف عليها معاوية.

وقوله: { ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ } أي: أعلم بمن جاء للإيمان ممن جاء لغير ذلك.

ثم قال: { فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى ٱلْكُفَّارِ } أي: إن أقررن بالمحنة بما عقد عليه الإيمان فلا تردوهن إلى الكفار /، وإنما قيل ذلك للمؤمنين، لأن العهد كان بينهم وبين مشركي مكة إذ صد النبي صلى الله عليه وسلم عن البيت في صلح الحديبية أن يرد المسلمون إلى المشركين من جاء منهم إلى المسلمين مسلماً، فأبطل الله عز وجل ذلك الشرط في النساء إذا جئن مؤمنات ونسخه، وأمرهم ألا يردوا من جاء من النساء مؤمنة، وهذا من نسخ القرآن للسنة.

السابقالتالي
2 3