الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِٱلْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُواْ بِمَا جَآءَكُمْ مِّنَ ٱلْحَقِّ يُخْرِجُونَ ٱلرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِٱلْمَوَدَّةِ وَأَنَاْ أَعْلَمُ بِمَآ أَخْفَيْتُمْ وَمَآ أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ }

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ } الآية.

أي: يأيها الذين صدقوا محمداً وما جاء به لا توالوا المشركين ولا تناصحوهم ولا تودوهم، يعني أهل مكة (وهم من) كفروا بما جاءكم من الحق، يعني القرآن.

{ يُخْرِجُونَ ٱلرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ } يعني: من مكة من أجل إن آمنتم بالله ربكم.

{ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِي } أي: إن كنتم على صحة ويقين اعتقاد أنكم خرجتم جهاداً مجاهدين في الله عز وجل، وابتغاء مرضاته سبحانه فلا تودوا المشركين وتناصحوهم وتسرون إليهم بالمودة.

{ وَأَنَاْ أَعْلَمُ بِمَآ أَخْفَيْتُمْ وَمَآ أَعْلَنتُمْ } أي: بسركم وعلانيتكم في مناصحتكم وصحبتكم لهم وغير ذلك.

{ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ } أي: ومن يودهم وينصحهم فقد جار عن قصد الطريق المستقيم.

والباء في " بِالمَوَدَّةِ " زائدة عند الفراء، وهي متعلقة بالمصدر عند البصريين.

ويروى أن هذه الآية [نزلت] في شأن حاطب بن أبي بلتعة كان قد كتب إلى مشركي مكة يطلعهم على أمر النبي صلى الله عليه وسلم وخروجه إليهم.

قال علي رضي الله عنه: " بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد فقال انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها، قال فانطلقنا نتعادى حتى أتينا الروضة فإذا نحن بالظعينة فقلنا أخرجي الكتاب، قالت ما معي كتاب، فقلنا لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب، وقال علي لها: والله ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فأخرجته من عقاصها فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا فيه: من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس من مكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا حاطب ما هذا؟ فقال: يا رسول الله لا تعجل علي أني كنت أمراً ملحقاً إلى قريش ولم أكن من أنفسها وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون أهليهم، فأحببتُ إِذا فاتني ذلك النسب أن أتخذ عندهم يداً يحمونني بها في قرابتي ولم أرد ارتداداً عن ديني ولا رضى بالكفر بعد الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما أنه قد صدقكم، فقال عمر، دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق. فقال: أما أنه شهد بدراً، فقال اعملُوا ما شئتم فقد غفرت لكم، قال سفيان:

فنزلت هذه الآية: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآءَ } إلى قوله: { سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ } ".

ومعنى: { وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ } أي: في المستقبل، وقد ذكر معنى هذا الحديث عروة بن الزبير وابن عباس وقتادة ومجاهد (أن مجاهداً قال: نزلت) في ابن بلتعة وقوم معه كتبوا إلى أهل مكة يحذرونهم.

السابقالتالي
2