الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ ٱقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَىٰ لِلْعَالَمِينَ }

قوله تعالى: { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُ } الآية.

المعنى: أن { أُوْلَـٰئِكَ } إشارة الى من تقدم ذكره من النبيين، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقتدي بهداهم، ويسلك طريقهم، والاقتداء: الاتباع. والمراد: اتّباعهم على ما كانوا عليه من الإسلام والتوحيد، لا ما كانوا عليه من الشرائع، لأن شرائعهم كانت مختلفة، وغير جائز أن يؤمر النبي باتباع " شرائع " مختلفة، ولا يمكن ذلك، لأن ما حرم " عليهم " في شريعة نبي، أُحِلَّ في شريعة نبي آخر، فكيف يَقْدِر النبي صلى الله عليه وسلم على اتباع ذلك؟، والعمل بالشيء وضده - في حال هذا - لا يمكن ودليل ذلك قوله تعالى:لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً } [المائدة: 48] فهذا هو الصحيح، ليست الآية في الاقتداء بشرائعهم لاختلافها، إنما الآية في الاقتداء بهم فيما لم يختلفوا فيه، وهو التوحيد ودين الإسلام. وأما الشرائع فقد اختلفوا فيها بأمر الله " لهم " بذلك وفَرضِه على كل واحد ما شاء.

وأكثر النحويين " على " تلحين " من كسر الهاء من { ٱقْتَدِهْ } وهي قراءة ابن عامر، إلا ما قال أحمد بن محمد بن عرفة: إنه يجوز أن تكسر على التشبيه بهاء الإضمار، كما جاز إسكان هاء الإضمار على التشبيه بهاء السكت.

وقال بعض النحويين: من كسر الهاء، يجوز أن تكون الهاء لغير السكت، وأن تكون للمصدر، كأنه: " فبهداهم (اقتد الاقتداء) " ، " قال ": ويجوز أن تكون كناية عن الهدى، والمعنى: فبهداهم اقتد " هداهم " ، على التكرير للتأكيد.

والوقف على هذه الهاء أسلم، وهو الاختيار عند أكثر النحويين، لأنه تمام، ولأنه إنما جيء بها للوقف.

ثم قال تعالى: { قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً } أي قل يا محمد لهؤلاء المشركين: لا أسألكم على تذكيري إياكم أجراً " ولا " عوضاً، إن القرآن الذي جئتكم به { إِلاَّ ذِكْرَىٰ لِلْعَالَمِينَ }.