الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ قَوْلُهُ ٱلْحَقُّ وَلَهُ ٱلْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ عَٰلِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ وَهُوَ ٱلْحَكِيمُ ٱلْخَبِيرُ }

/ قوله: { وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ } الآية.

المعنى: والله - الذي أمرتم أن تسلموا له - هو الذي خلق السماوات والأرض بالحق، وهو رب العالمين.

ومعنى { بِٱلْحَقِّ }: أي: حقاً وصواباً، لا باطلاً. وقيل: المعنى: خلق السماوات والأرض بكلامه وقوله لهما:ٱئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً } [فصلت: 11]، فالحق هنا: كلامه ودليله.

(قوله): { قَوْلُهُ ٱلْحَقُّ } الآية.

(فـ (الحق)): كلامه، خلق به (الأشياء المخلوقة)، وما خلق به الأشياء فهو غير مخلوق.

وقيل: المعنى: خلقهن (للحق)، يعني المعاد.

و { قَوْلُهُ } مرفوع (بـ (يكون))، و (الحق): نعته. وقيل: المعنى: فيكون ما أراد. و { قَوْلُهُ ٱلْحَقُّ }: ابتداء وخبر.

وقال الفراء: المعنى: ويوم يقول للصور: كن، فيكون، و (قولُه): ابتداء و (الحق) خبره.

و { ٱلصُّورِ } عند أبي عبيد: جمع صورة. وقيل: هو القرن الذي ينفخ فيه.

وقوله: { يَوْمَ يُنفَخُ } بدل من { يَوْمَ يَقُولُ }. وقيل: العامل فيه: { ٱلْحَقُّ }. وقيل: العامل فيه { وَلَهُ ٱلْمُلْكُ } ، لأنه يوم لا منازع له في الملك، فلذلك خصه بالذكر، وأن كان هو المالك في كل الأحيان، وهو مثل:مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } [الفاتحة: 4].

{ عَٰلِمُ ٱلْغَيْبِ }: رفع على النعت لـ { ٱلَّذِي } في قوله: { وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ }. وقيل: { وَهُوَ } رفع على إضمار مبتدأ. وقيل: هو رفع بالمعنى، والتقدير: ينفخ فيه عالم { ٱلْغَيْبِ }.

والنفخ في الصور نفختان: واحدة لفناء من كان حياً على الأرض، والثانية لنشر كل ميت، وبذلك أتى القرآن.

وقد تظاهرت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم: " أن إسرافيل قد الْتَقَم الصور (وحَنَى) جبهته ينتظر متى يؤمر فينفخ، وأنه قال: الصور قرن ينفخ فيه ".

قال قتادة: ينفخ فيه من الصخرة من بيت المقدس.

والصور قرن فيه أرواح الخلق فينفخ فيه، فيذهب كل روح إلى جسده فيدخل فيه.

وروي عن ابن عباس: " أن عالم الغيب والشهادة هو الذي ينفخ في الصور " وتكون الآية بمنزلة قول الشاعر:
ليبك يزيد ضارع لخصومه   
ومعنى { عَٰلِمُ ٱلْغَيْبِ } أي: يعلم ما يغيب عنكم، { وَٱلشَّهَٰدَةِ } أي: يعلم أيضاً ما تشاهدون، { وَهُوَ ٱلْحَكِيمُ } في تدبيره، { ٱلْخَبِيرُ } بأعمالكم.

وقوله: { بِٱلْحَقِّ }: وَقْف إن نصبت { وَ } يوم على معنى: واذكر، و { كُن }: تمام، (و) { فَيَكُونُ } تمام إن رفعت { قَوْلُهُ } بالابتداء، وجعلت { فَيَكُونُ } للصور، أو على معنى: فيكون ما أراد، و { قَوْلُهُ ٱلْحَقُّ }: تمام حسن إن جعلت { يَوْمَ يُنفَخُ } نصب بقوله: { وَلَهُ ٱلْمُلْكُ }. (ويقف على { وَلَهُ ٱلْمُلْكُ } ) إن نصبت { يَوْمَ يُنفَخُ } ، بمعنى: واذكر. و { فِي ٱلصُّورِ } وقفٌ إن جعلت { عَٰلِمُ ٱلْغَيْبِ } على معنى { هُوَ } فإن جعلته نعتاً لـ { ٱلَّذِي } - أو على إضمار فعلٍ يدل عليه { يُنفَخُ } -، لم تقف على { ٱلصُّورِ }.

وقد قرأ الحسن { عَٰلِمُ } بالخفض على البدل من الهاء في قوله { وَلَهُ }.