قوله: { وَمَا عَلَى ٱلَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِم } الآية. المعنى: أنه ليس على من اتقى الله من حساب هؤلاء الخائضين شيء، أي: ليس (عليه) من إثمهم شيء إذا اتقى ما هم فيه. وليس المعنى: ليس عليه شيء من إثمهم إذا جالسهم في حال خوضهم، (إنما المعنى: ليس (عليه) شيء إذا لم يجالسهم في حال خوضهم)، لأن الله قال:{ فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ } [النساء: 140]: أي: حتى يخوضوا في غير الكفر والاستهزاء بآيات الله. ومعنى: { وَلَـٰكِن ذِكْرَىٰ } أي: إذا ذكرت فقم، { لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } (أي) الخوض فيتركونه، هذا قول السدي. وقيل: إن المعنى ليس على الذين يتقون من حسابهم (من) شيء إذا قعدوا إليهم، ثم نسخ ذلك بقوله:{ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي ٱلْكِتَٰبِ } [النساء: 140] الآية، روي ذلك عن ابن عباس. ونَسْخُ مثلِ هذا لا يحسن، لأنه خبر. قال الكلبي: قال أصحاب النبي: إنا كنا كلما استهزأ المشركون بكتاب الله، قمنا وتركناهم لم ندخل المسجد ولم نطف بالبيت، فرخص الله للمسلمين الجلوس معهم، وأُمروا أن يُذَكِّروهم ما استطاعوا. و { ذِكْرَىٰ } في موضع نصب، على معنى: فأعرضوا عنهم ذكرى، وتكون في موضع رفع على معنى: لكن إعراضهم ذكرى لأمر الله.