قوله: { قُلْ هُوَ ٱلْقَادِرُ عَلَىٰ أَن يَبْعَثَ } الآية. " { شِيَعاً }: نصب على الحال، أو المصدر ". والمعنى: قل لهم يا محمد: الله القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم، أو من تحت أرجلكم، جزاء لشرككم به بعد إذ (نجاكم مما) أنتم فيه. والعذاب الذي (هو) من فوقهم: هو الرجم، والذي من تحت أرجلهم: الخسف، قاله ابن جبير ومجاهد والسدي. وقال الفراء { مِّن فَوْقِكُمْ }: المطر والحجارة والطوفان، و { مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ }: الخسف. وقال ابن عباس: العذاب الذي (هو) من فوق: أئمة السوء، والذي من أسفل: خدمة السوء وسفلة الناس. وقال الضحاك: { مِّن فَوْقِكُمْ }: من كباركم، { أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ }: من سفلتكم. (و) قوله: { أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً } (أي) يخلطكم (فرقا، من " لَبَست عليه الأمر ": أخلطته فمعناه: يخلطكم) أهواء مختلفة مفترقة. وقال الفراء: { يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً } أي: ذوي أهواء مختلفة. وقرأ المدني { يَلْبِسَكُمْ } بضم الياء، من " ألبس ". وقوله: { وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ } أصل هذا من " ذوق الطعام " ، ثم استعمل في كل ما وصل إلى الرجل من حلاوة أو مرارة أو مكروه. (قال (ابن عباس): يعني بالسيوف. و) قال ابن عباس: " يسلط (بعضكم) على بعض بالقتل ". وقد قيل: إنه عني بهذا المسلمون من أمة محمد. قال النبي عليه السلام: " إني سألت الله في صلاتي هذه ثلاثاً - وأشار إلى صلاة صبح كان قد أبطأ فيها - قال: سألته ألا يُسَلّط على أمتي السّنة، فأعطانيه، وسألته ألا يلبسهم شيعاً، وألا يُذيق بعضَهم بأسَ بعضٍ، فمنعنيهما ". وروى جابر أن النبي عليه السلام قال: - " لما نزل عليه { قُلْ هُوَ ٱلْقَادِرُ عَلَىٰ أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ } -: أعوذ بوجهك. فلما نزل { أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ } ، قال: هاتان أيْسَرُ وأَهْوَنُ ". قال الحسن قوله: { أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ }: هذا للمشركين { أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ }: هذا للمسلمين. ثم قال: انظر يا محمد { كَيْفَ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ } ، أي: يفقهون ما يقال لهم.