الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُواْ بِمَآ أُوتُوۤاْ أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ }

قوله: { فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ } الآية.

المعنى: فلما تركوا العمل بما أُمروا به على ألسن الرسل.

وقوله: { فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ } أي: استدرجناهم بالنعم التي كنا متعناهم إياها.

روي عن النبي عليه السلام أنه قال: " إذا رأيتَ الله يُعطي العبدَ مَا يُحِبّ وهو مقيمٌ على معاصيه، فإنّما ذلك استدراج " ثم نوع بهذه الآية { فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ } (إلى قوله { رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }.

ومعنى: { أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ } أي: كل شيء) كان قد أَغلق عنهم من الخير، جَعل مكان الضراء الصحة والسلامة، ومكان البأساء الرخاء والسعة، حتى إذا فرحوا بما فتح عليهم من النعيم والصحة اللذين كانا قد أَغْلَقَ عنهم، { أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً } أي: أخذناهم بالعذاب فجأة وهم لا يعلمون.

قال ابن جريج: أخذوا أعجب ما كانت الدنيا إليهم.

{ فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ } قال السدي: معناه، هالكون قد انقطعت حجتهم، نادمون على ما سلف منهم.

وقال بعض (أهل) اللغة: معنى { فَرِحُواْ بِمَآ أُوتُوۤاْ }: ظنوا أنهم إنّما أوتوا / ذلك استحقاقاً، قال: والمبلس: الشديد الحسرة الحزين.

قال ابن زيد: الإبلاس أشد من الاستكانة.

وروي عن النبي عليه السلام (أنه) قال: " إذا رأيتَ اللهَ يُعطي عبدهَ في دُنياهُ، فإنّما هو اسْتِدراجٌ " ، يعطي: يوسع عليه دنياهُ وهو لا يقلع عن المعاصي، يدل على ذلك الحديث الذي بعده، " ثم تلا هذه الآية { فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ } الآية.

وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إذا رأيتَ اللهَ يعطي العِبادَ ما يشاءون على معاصيهم إياه، فإنما ذلك استدراج منه لهم " ، ثم تلا الآية.

وقيل: الإبلاس: انقطاع الحجة والسكون.

وقيل: هو الندم والحزن على الشيء يفوت.

وقيل: هو الخشوع. وقال القتبي: " (مبلسون): يائسون ".