الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ }

قوله: { ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ } الآية.

قرأ ابن مسعود وأبي (وما كان فتنتهُم) بالرفع.

ومن (قرأ) تكن بالتاء، ونصب " الفتنة " ، فإنما أنَّث، لأن " القول " هو " الفتنة " ، فأنث على المعنى، وهو مذهب سيبويه.

وقيل: إنما أنت، لأن { إِلاَّ أَن قَالُواْ } بمنزلة " مقالتهم " فأنث على ذلك. و (قد قرئ) برفع " الفتنة " ، والياء في (يكن) على المعنى، لأن " الفتنة بمعنى " الفتون ".

ومعنى { فِتْنَتُهُمْ }: مقالتهم. وقيل: معذرتهم إلا أن أقسموا بالله ربهم إنهم لم يكونوا مشركين.

ومعناه عند أبي إسحاق أن المشركين افتتنوا بشركهم في الدنيا، فأخبر الله عنهم أن فتنتهم التي كانت في الدنيا عادت انتفاء من الشرك، وهذا مِثْل إنسان يرى (محبّاً له) في هَلكة فيتبرأ منه، فيقال له: صارت محبتك (تبرؤا).

واختار الطبري قراءة النصب في (ربَّنا)، لأنه جواب من المشركين الذين قيل لهم:أَيْنَ شُرَكَآؤُكُم } [الأنعام: 22]؟، فنفوا عن أنفسهم أن يكونوا فعلوا ذلك وادعوه أنه ربهم كان فنادوه، ولذلك قال لمحمد:ٱنظُرْ كَيْفَ كَذَبُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ } [الأنعام: 24].

وإنما قصدوا إلى نفي الشرك عن أنفسهم دون سائر الذنوب والكبائر، لأنهم رأوا أن كل شيء يغفرُهُ الله إن شاء إلا الشرك، فنفوه عن أنفسهم رجاء أن يغفر لهم ما ارتكبوا دون الشرك، ودل على ذلك قولهإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ } [النساء: 48] (فدل هذا) على أن ما دون الشرك مغفور إن شاء الله، ذلك: إما بتوبة وإقلاع، وإما بفضل من الله ورحمة.