قوله: { مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا } (الآية). المعنى: من جاء يوم القيامة من هؤلاء الذين فارقوا دينهم بالتوبة عماهم عليه، فله - من الجزاء - عشرة أضعاف ما يجب له، { وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ } أي: (و) من وافى يوم القيامة - وهو مقيم على مفارقة دينه - فلا يجزى إلا مثل عمله { وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } ، وليس معنى { فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا }: " عشر أمثال التوبة " ، إنما المعنى: فله ثواب عشر أمثالها. وقيل: المعنى: " فله عشر حسنات أمثالها " ، أي: أمثال الحسنات العشر التي حسنة العامل موازنة لها، فالهاء في { أَمْثَالِهَا } ترجع على الحسنات المحذوفة، وفي حذف الهاء من عشر دليل على أن المعنى: فله عشر حسنات أمثال (حسنة)، وهو من باب حذف المنعوت وإقامة النعت مقامه إن قدرت الانفصال في (أمثالها)، أي: " أمثال لها " ، وإن لم تقدر الانفصال، فهو من باب حذف المبدل منه وإقامة البدل مقامه. وقرأ الحسن: (عَشْرٌ) منون، (أمثالُها) بالرفع على الصفة للعشر. وهي قراءة عيسى بن عمر ويعقوب. وكن حذف الهاء من (عشر) للحمل على المعنى، لأن المراد: عشر حسنات, وقيل: الهاء تعود على الحسنة المذكورة. والمثل المجازى به على الحسنة، هو معروف عند الله، لكنه تعالى يجازيه على حسنته (عشرة أمثال) ذلك القدر - الذي هو معلوم عنده - جزاء على الحسنة فإنما يقع التضعيف على قدر معلوم عنده يجازي به على حسنة (حسنةً) واحدة. وقال سفيان وغيره: الحسنة هنا: لا إله إلا الله، والسيئة: الشرك، وهو قول مجاهد والقاسم وابن عباس والضحاك والحسن. وروى قتادة أن النبي عليه السلام كان يقول: " الأعمال ستة: موجبة وموجبة، ومضْعِفَة (ومضْعِفة) ومثل (ومِثْلٌ)، فأما الموجبة والموجبة: فمن لقي الله لا يشرك به شيئاً دخل الجنة ومن لقي الله يشرك به شيئاً دخل النار / وأما المُضْعِفة (والمُضْعِفة): فنفقة الرجل المؤمن في سبيل الله سبع مائة ضعف، ونفقته على أهل بيته عشر أمثالها. وأما مِثْل (ومِثْل): فإذا هَمَّ العبد بالحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة (واحدة)، وإذا هم بسيئة فعملها كتبت عليه سيئة ". وقال أبو سعيد الخدري: هذه الآية للأعراب، وللمهاجرين سبع مائة ضعف وقال ابن عمر: هذا للإعراب، وللمهاجرين ما هو أعظم من ذلك. قال: الربيع: كانوا يصومون ثلاثة أيام من كل شهر، ويؤدون عُشر أموالهم فنزلت هذه الآية، ثم نزلت الفرائض - بعد - بصوم (رمضان) والزكاة.